والذين يعلمون ثم لا يعملون أو يعملون بخلاف ما يقولون ويعلمون بئس ما يصنعون، إنما هي أوعية للعلم يسيرون ثم لا ينفعون بل قد يضرون، جلسوا على باب الجنة - كما يقول ابن القيم رحمه الله -: (يدعون إليها الناس بأقوالهم، ويدعون إلى النار بأفعالهم، كلما قالت أقوالهم: هلموا اسمعوا، قالت أفعالهم: افرنقعوا لا تسمعوا لو كان حقا ما يدعون إليه كانوا أول المستجيبين له، فهم في الصور هداة مرشدون أدلاء، لكنهم في الحقيقة قطاع طرق). أذلاء وما هم بأجلاء، بئس ما يصنعون. (مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ)(الجمعة:٥). ما يغني الأعمى معه نور الشمسي لا يبصرها، وما يغني عن العالم كثرة العلم لا يعمل به، إنما هو كالسراج يضيء البيت ويحرق نفسه، عليه بوره ولغيره نوره، يحق عليه قول القائل:
فأسعدت الكثير وأنت تشقى ... وأضحكت الأنام وأنت تبكي
خير من القول فاعله وخير من الصواب قائله:
ومن العجائب والعجائب جمة ... قرب السبيل وما إليه وصول
كالعيس في البيداء يقتلها الضمأ ... والماء فوق ظهورها محمول