للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعندها يعرف المضمار ... ويعرف السابق والخوار

فتصبّر لتصبر، وتحلّم لتحلم، ولا تعجل فقد تكفى بغيرك ويكتب لك بصدق نيتك ما لغيرك، ورُب عجلة أورث ريثاً، وقد يكون مع المستعجل الزلل. ليكن حالك أحيانا حال الحنف بن قيس رحمه الله يوم جاءه رجل فلطم وجهه، فقال بسم الله يابن أخي، ما دعاك إلى هذا؟ قال: آليت أن ألطم سيد العرب من بني تميم، قال فبرَّ بيمينك فما أنا بسيدها، سيدها حارثة بن قدامة.

ليست الأحلام في حال الرضى ... إنما الأحلام في حال الغضب

فذهب الرجل إلى حارثة فلطمه، فقام عليه واخترط السيف وقطع يمينه، ولسان حاله:

وسيفي كان في الهيجاء طبيباً ... يداوي رأس من يشكوا الصداعا

فلما بلغ الأحنف ما حصل لهذا الأحمق، قال أنا والله قطعتها.

ليس الغبي بسيد في قومه ... لكن سيد قومه المتغابي

نعم، العاقل لا يفعل أمرا إلا إذا نظر في عواقبه، وتبصر أبعاده ومراميه، لا يتعجل الخطا، ولا يستبق الأحداث ولا يشرع في الحكم على الأمور، بل يزن الأشياء بميزان دقيق، ويقدر المواقف، بنظرة ثاقبة فاحصة، وخطوة متانية تحسب كل حساب. فكن أفضل من أن تخدع، وأعقل من أن تخدع، لا خب ولا الخب يخدعك.

ولترقَّ شيئاً فشيئاً صاعداً درجاً ... من البناء رصينا واحذر العجلا

فكم عجول كبا من ضعف رؤيته ... وذي أناة أصاب الرشد والأملا