((والدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ذكر الله وما والاه وعالما أو متعلما))، في الزهد لإبن المبارك رحمه الله. إن أبا مسلم الخولاني رحمه الله دخل مسجدا رأى فيه حلقة ظنهم في ذكر فجلس إليهم فإذا هم يتحدثون في الدنيا، فقال سبحان الله هل تدرون يا هؤلاء ما مثلي ومثلكم؟ كمثل رجل أصابه مطر غزير فالتفت فإذا هو بمصارعين عظيمين فقال لو دخلت هذا البيت حتى يذهب عني هذا المطر فدخل فإذا هو بيت بلا سقف، جلست إليكم وأنا أرجو أن تكونوا على خير وذكر فإذا أنتم أصحاب دنيا.
كم حديث يظنه المرء نافعا ... وبه لو درى يكون البلاء
إنه ليس في جلاء القلوب واطمئنانها من ذكر الله ومناجاته، وليس هناك من هو أولى بملازمة ذكر الله من الداعية إلى الله، وكلنا ذلك الرجل الذي جعل محور حياته خدمة ليدن الله فهو أحرى أن يذكر الله قائما وقاعدا وعلى جنب في كل حين وآن، فذكر الله له يرقق المشاعر ويوقظ القلوب والضمائر ويرهف الإحساس ويشرح الصدور ويسمو بالنفوس ويزكيها، ويترفع بها عن شهواتها ويملك جماحها، ويرفع الدرجات، ويكفر السيئات ومع ذا خفيف على اللسان ثقيل في الميزان حبيب إلى الرحمن فمن الخطورة العظيمة أيها الأحبة أن نتحول على منظرين وخططين ثم لا نكون الربانيين العابدين الأوابين المفردين الذاكرين الله كثيرا والمخبتين فنصبح من المحرومين - نعوذ بالله رب العالمين- المحروم من نعمة ملازمة ذكر الله محروم من الإحساس المرهف، والضمير اليقظ الحي، حياته جمود وعطالة وبطالة وانحطاط، أنى له أن يصل إلى وجهته؟ إن المسلم بصفة عامة وطالب العلم بصفة خاصة جدير بان يذكر الناس بالله حتى إذا ما رؤي ذكر الله تعالى فكيف به إن كان غافلا؟ أيكون جديرا بالتذكير؟! كلا والله، إن فاقد الشيء لا يعطيه.
هل يطلب الماء ممن يشتكي عطشا ... هل يطلب الثوب ممن جسمه عار
يا بانيا بالماء حائط بيته ... فوق العباب أرى البناء مهيلا