وأنظر وقف: الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله كان ممن لا يغتاب ولا يسمع في مجلسه بغيبة وكذلك العلماء.
يقول: لقتل الأولاد ونهب الأموال أهون عندي من أخذ الحسنات من رجل كبير مثلي، وفي رحلة الحج يسجل هذا الموقف العظيم فيقول:
ثم جئنا آخر النهار بعد الثالثة للقرية المسماة (آتيه)، فالتمسنا عربيا نبيت عنده، فدعانا رجل عربي - والله ما سألت عن إسمه ولا إسم أبيه خوفا من الغيبة -فانزلنا في مكان يعوي منه الكلب، وأغلقه علينا من الخارج، فذكرتني تلك الليلة ليلة النابغة التي قال فيها:
كليني لهمِّ يا أميمة ناصب ... وليلٍ أقاسيه بطيء الكواكب
وليلة المهلهل التي قال فيها:
أليلتنا بذي حسم أنيري ... إذا أنتِ أنقضيتِ فلا تحوري
قد وصف طولها بقوله:
كأن كواكبَ الجوزاء عودُ ... معطفةًُ على رُبع كسيرِ
كأن الجدي في مثناهُ ربقُ ... أسيرُ أو بمنزلةِ الأسيرِ
كواكبُها زواحفُ لاغِباتُ ... كأن سماءها بِيدي مديرِ
إلى أن قال:
وأنقذني بياضُ الصبح منها ... وقد أُنقِذتُ من شيءٍ كبير
وتمثلت قول إمرء القيس:
كأن الثريا علقت في مصامها ... بأمراس كتان إلى صم جندل
وكان صبح تلك الليلة أحب غائب إلينا
فيا معشر طلاب العلم: هذا ديدن العلماء الربانيين ومن تشبه تشبث.
كيف الوقوف أمام خلاق الملا ... والعلم ظن والحديث مرَّجمُ
إن أي إنسان يستطيع أن يرمي غيره بأي نقيصة لكنه لا يستطيع أن يثبت دعواه إلا إذا كان صادقاً.
وكم على الأرض أشجار مورقة ... وليس يرجم إلا ما به ثمر
كلًٌ يصيد الليث وهو مقيد ... ويعز صيد الضغيم المفكوك
واختلاف الرأي لا يفسد للود لقضية ولو أنه كلما اختلف إثنان تهاجرا وتقاطها لما بقي بين المسلمين أخوة فليتق الله مؤمن في إخوانه، وليتسع صدره لوجهات نظرهم فلا تذهب معه المروءة والمحبة والمؤمن يستر وينصح لا يهتك ولا يفضح.