المؤمن لا يعر ف اليأس ولا يفقد الرجاء إذ هو واثق بربه ثم هو واثق بحق نفسه ثم هو واثق بوعد الله، إن مرت به محنة اعتبرها دليل حياة وحركة فإن الميت الهامد لا يضرب ولا يؤذى وإنما يضرب ويؤذى المتحرك الحي المقاوم- كما قيل – كالذهب والحديد يدخل النار فيستفيد إذ يذهب خبثه ويبقى بهاؤه.
يؤلف إيلام الحوادث بيننا ... ويجمعنا في الله دين ومذهب
إن علينا –معشر المسلمين- أن نكون بحجم التحديات بصبر وثبات ولسان حال كل واحد منا:
فيقصر دون باعي كل باع ... ويحصر دون خطبتي الخطيب
إني أبيٌَ أبيُ ذو مغالبة ... وابن أبيّ أبيّ من أبيين
إن الوصول إلى القمة ليس الأهم لكن الأهم البقاء فيها، إن الإنحدار إلى القاع ليس هو الكارثة لكن الكارثة هو الاعتقاد أنه لا سبيل إلى الخروج من القاع، ليس والله الدواء في بكاء الأطلال وندب الحظوظ إنه في الترفع عن الواقع بلا تجاهل له، فالاستعلاء النفسي عليه في تحرر للفكر من إرهاقه ويأسه وخباله، بإرادة قوية حرة أبية يمكن تحويل عوامل الضعف إلى القوة باذن رب البرية (إن الرسول صلى الله عليه وسلم حين حصل في أحد ما حصل شج وجهه وكسرت رباعيته وانخذل عنه من انخذل وإذا به يزيل الآثار النفسية من قلوب المؤمنين بنقلهم إلى مواجهة جديدة في حمراء الأسد لملاحقة المشركين الذين لو كانوا حقا منتصرين لما ولوا الأدبار قافلين ولقضوا على البقية الباقية من المسلمين وهذا يدل على حكمة الرسول الأمين عليه صلوات الله رب العالمين، وأبو بكر رضي الله عنه يأتي من بعده وقد تربى على سنته بعد أن كادت نواة الإسلام تضيع في طوفان الردة، فإذا به ينقل الأمة نقلة من واقع إلى واقع بتأب عن اليأس وترفع على الهزيمة وحاله:
فليس يجلي الكرب رأي مسدد ... إذا هو لم يؤنس برمح مسدد