اختار بني عبد المطلب من بني هاشم، ثم اختارني من بني عبد المطلب". هذا حديث مرسل.
وروى زحر بن حصن، عن جده حميد بن منهب، قال: سمعت جدي خريم بن أوس بن حارثة يقول: هاجرت إلى رسول الله ﷺ منصرفه من تبوك، فسمعت العباس، يقول: يا رسول الله إني أريد أن أمتدحك فقال: "لا يفضض الله فاك". فقال:
من قبلها طبت في الظلال وفي … مستودع حيث يخصف الورق
ثم هبطت البلاد لا بشر … أنت ولا مضغة ولا علق
بل نطفة تركب السفين وقد … ألجم نسرا وأهله الغرق
تنقل من صالب إلى رحم … إذا مضى عالم بدا طبق
حتى احتوى بيتك المهيمن من … خندف علياء تحتها النطق
وأنت لما ولدت أشرقت الـ … ـأرض وضاءت بنورك الأفق
فنحن في ذلك الضياء وفي النْـ … ـنُور وسبل الرشاد نخترق
الظلال: ظلال الجنة قال الله تعالى: ﴿إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلالٍ وَعُيُونٍ﴾ [المرسلات: ٤١]، والمستودع: هو الموضع الذي كان فيه آدم وحواء يخصفان عليهما من الورق، أي: يضمان بعضه إلى بعض يتستران به، ثم هبطت إلى الدنيا في صلب آدم، وأنت لا بشر ولا مضغة.
وقوله: "تركب السفين" يعني: في صلب نوح. وصالب لغة غريبة في الصلب، ويجوز في الصلب الفتحتان كسقم وسقم.
والطبق: القرن، أي: كلما مضى عالم وقرن جاء قرن، ولأن القرن يطبق الأرض بسكناه بها. ومنه قوله ﵇ في الاستسقاء: "اللهم اسقنا غيثا مغيثا طبقا غدقا" (١)، أي: يطبق الأرض. وأما قوله تعالى: ﴿لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ﴾ [الانشقاق: ١٩]، أي: حالا بعد حال.
والنطق: جمع نطاق وهو ما يشد به الوسط ومنه المنطقة. أي: أنت أوسط قومك نسبا. وجعله في علياء وجعلهم تحته نطاقا. وضاءت: لغة في أضاءت.
(١) صحيح: أخرجه أبو داود "١١٦٩" من حديث جابر بن عبد الله، به.