أبي حصين، قال: رأيت سعيدًا بمكة، فقلت: إن هذا قادم -يعني: خالد بن عبد الله- ولست آمنه عليك. قال: والله لقد فررت حتى استحييت من الله.
قلت: طال اختفاؤه، فإن قيام القراء على الحجاج كان في سنة اثنتين وثمانين، وما ظفروا بسعيد إلى سنة خمس وتسعين؛ السنة التي قلع الله فيها الحجاج.
قال أبو بكر بن عياش: فأخبرني يزيد بن أبي زياد، قال: أتينا سعيدًا، فإذا هو طيب النفس، وبنته في حجره، فبكت وشيعناه إلى الجسر، فقال الحرس له: أعطنا كفيلًا، فإنا نخاف أن تغرق نفسك قال: فكنت فيمن كفل به. قال أبو بكر: فبلغني أن الحجاج قال: ائتوني بسيف عريض.
قال سليمان التيمي: كان الشعبي يرى التقية، وكان ابن جبير لا يرى التقية، وكان الحجاج إذا أتي بالرجل -يعني ممن قام عليه- قال له: أكفرت بخروجك علي، فإن قال: نعم خلى سبيله فقال لسعيد أكفرت؟ قال: لا. قال: اختر أي قتلة أقتلك؟ قال: اختر أنت، فإن القصاص أمامك.
أبو نعيم: حدثنا عبد الواحد بن أيمن، قال: قلت لسعيد بن جبير: ما تقول للحجاج؟ قال: لا أشهد على نفسي بالكفر.
ابن حميد: حدثنا يعقوب القمي، عن جعفر: عن سعيد بن جبير، قال:"إن في النار لرجلًا ينادي قدر ألف عام: يا حنان يا منان فيقول: يا جبريل أخرج عبدي من النار قال فيأتيها فيجدها مطبقة فيرجع فيقول يا رب: ﴿إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ﴾ [الهمزة: ٨]، فيقول: يا جبريل ارجع ففكها، فأخرج عبدي من النار فيفكها، فيخرج مثل الخيال فيطرحه على ساحل الجنة حتى ينبت الله له شعرًا ولحمًا".
إبراهيم بن طهمان، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، عن النبي ﷺ قال: "كان نبي الله سليمان إذا قام في مصلاه رأى شجرة نابتة بين يديه، فقال لها: ما اسمك قالت: الخرنوب. قال: لأي شيء أنت؟ فقالت: لخراب هذا البيت. فقال: اللهم عم عليهم موتي حتى يعلم الإنس أن الجن لا تعلم الغيب. قال: فنحتها عصًا يتوكأ عليها، فأكلتها الأرضة، فسقطت، فخر، فحزروا أكلها الأرضة، فوجدوا حولًا، فتبينت الإنس أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين -وكان ابن عباس يقرؤها هكذا- فشكرت الجن الأرضة، فكانت تأتيها بالماء حيث كانت.
قرأته على إسحاق بن أبي بكر، أنبأنا يوسف بن خليل، أنبأنا أحمد بن محمد التيمي،