للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وهاجر هو وأخواه الطفيل والحصين. وكان عبيدة كبير المنزلة عند النبي ، وكان مربوعا مليحا، توفي بالصفراء. وهو الذي بارز عتبة بن ربيعة، فاختلفا ضربتين، كلاهما أثبت صاحبه، كما تقدم. وقد جهزه النبي في ستين راكبا من المهاجرين أمره عليهم؛ فكان أول لواء عقده النبي لواء عبيدة، فالتقى بقريش وعليهم أبو سفيان عند ثنية المرة، فكان أول قتال في الإسلام. قاله محمد بن إسحاق.

وقال ابن إسحاق وغيره عن الزهري، عن عبد الله بن ثعلبة بن صعير أن المستفتح يوم بدر أبو جهل، قال لما التقى الجمعان: اللهم أقطعنا للرحم وآتانا بما لا نعرف، فأحنه الغداة.

فقتل، ففيه أنزلت: ﴿إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جَاءَكُمُ الْفَتْحُ﴾ [الأنفال: ١٩].

وقال معاذ بن معاذ: حدثنا شعبة، عن عبد الحميد صاحب الزيادي، سمع أنسا يقول: قال أبو جهل: ﴿اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾، [الأنفال: ٣٢]، فنزلت: ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾ [الأنفال: ٣٢]، فنزلت: ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾ [الأنفال: ٣٣]، متفق عليه (١).

وعن ابن عباس في قوله: ﴿وَمَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ﴾ [الأنفال: ٣٤]، قال: يوم بدر بالسيف قاله عبد الله بن صالح، عن معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عنه.

وبه عنه في قوله: ﴿وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ﴾ [الأنفال: ٧]، قال: أقبلت عير أهل مكة تريد الشام -كذا قال- فبلغ أهل المدينة ذلك، فخرجوا ومعهم رسول الله يريدون العير. فبلغ ذلك أهل مكة فأسرعوا السير، فسبقت العير رسول الله ، وكان الله وعدهم إحدى الطائفتين. وكانوا أن يلقوا العير أحب إليهم، وأيسر شوكة وأحضر مغنما.

فسار رسول الله يريد القوم، فكره المسلمون مسيرهم لشوكة القوم، فنزل رسول الله والمسلمون، وبينهم وبين الماء رملة دعصة، فأصاب المسلمين ضعف شديد، وألقى الشيطان في قلوبهم القنط يوسوسهم: تزعمون أنكم أولياء الله وفيكم رسوله، وقد غلبكم المشركون على الماء، وأنتم كذا. فأنزل الله عليهم مطرا شديدا، فشرب المسلمون وتطهروا، فأذهب الله عنهم رجز الشيطان، وصار الرمل؛ يعني ملبدا. وأمدهم الله بألف من الملائكة.

وجاء إبليس في جند من الشياطين، معه رايته في صورة رجال بني مدلج، والشيطان في


(١) صحيح: أخرجه البخاري "٤٦٤٨" و"١٦٤٩"، ومسلم "٢٧٩٦" من طريق عبيد الله بن معاذ، حدثنا أبي، حدثنا شعبة، به.

<<  <  ج: ص:  >  >>