بعضدي، وأدخلوني بين الصفوف، حتى أقاموني مقامًا يسمع كلامي، فسلمت. فقال: أنت عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي? قلت: نعم أصلح الله الأمير. قال: ما تقول في دماء بني أمية? فسأل مسألة رجل يريد أن يقتل رجلًا فقلت: قد كان بينك، وبينهم عهود. فقال:، ويحك اجعلني، وإياهم لا عهد بيننا. فأجهشت نفسي، وكرهت القتل فذكرت مقامي بين يدي الله عز، وجل فلفظتها فقلت: دماؤهم عليك حرام فغضب، وانتفخت عيناه، وأوداجه فقال لي:، ويحك، ولم? قلت: قال رسول الله -صلى الله عليه، وسلم:"لا يحل دم امرئ مسلم إلَّا بإحدى ثلاث .. ثيب زان، ونفس بنفس، وتارك لدينه"(١) قال:، ويحك أوليس الأمر لنا ديانة قلت:، وكيف ذاك? قال: أليس كان رسول الله -صلى الله عليه، وسلم- كان أوصى إلى علي? قلت: لو أوصى إليه ما حكم الحكمين. فسكت، وقد اجتمع غضبًا فجعلت أتوقع رأسي تقع بين يدي فقال: بيده هكذا أومأ أن أخرجوه فخرجت فركبت دابتي فلما سرت غير بعيد إذا فارس يتلوني فنزلت إلى الأرض فقلت: قد بعث ليأخذ رأسي أصلي ركعتين فكبرت فجاء، وأنا قائم أصلي فسلم، وقال: إن الأمير قد بعث إليك بهذه الدنانير فخذها. فأخذتها ففرقتها قبل أن أدخل منزلي. فقال سفيان:، ولم أردك أن تحيد حين قال لك ما قال.
الوليد بن مزيد: سمع الأوزاعي يقول: لا ينبغي للإمام أن يخص نفسه بشيء من الدعاء فإن فعل فقد خانهم.
العباس بن الوليد: حدثني عباس بن نجيح الدمشقي، حدثني عون بن حكيم، قال: حججت مع الأوزاعي، فلما أتى المدينة، وأتى المسجد، بلغ مالكًا مقدمه، فأتاه فسلم عليه فلما صليا الظهر تذاكرا أبواب العلم فلم يذكر بابًا إلَّا ذهب عليه الأوزاعي فيه ثم صلوا العصر فتذاكرا كل يذهب عليه الأوزاعي فيما يأخذان فيه حتى اصفرت الشمس، أو قرب اصفرارها ناظره مالك في باب المكاتبة، والمدبر.
العباس بن الوليد: حدثنا محمد بن عبد الوهاب، قال: كنا عند أبي إسحاق الفزاري، فذكر الأوزاعي فقال: ذاك رجل كان شأنه عجبًا كان يسأل عن الشيء عندنا فيه الأثر فيرد، والله الجواب كما هو في الأثر لا يقدم منه، ولا يؤخر.
الوليد بن مسلم: سمعت صدقة بن عبد الله يقول: ما رأيت أحدًا أحلم، ولا أكمل، ولا أحمل فيه حمل من الأوزاعي.
(١) صحيح: تقدم تخريجنا له منذ صفحات بتعليقنا السابق رقم "٦٤١".