للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الرأي بيدي، فقال: ورب هذا المقام، ما رأيت عراقيًّا تام العقل، وسمعت مالكًا يقول: كان عطاء بن أبي رباح ضعيف العقل.

ياسين بن عبد الأحد، حدثني عمر بن المحبر الرُّعيني، قال: قدم المهدي المدينة، فبعث إلى مالك، فأتاه، فقال لهارون وموسى: اسمعا منه فبعث إليه، فلم يجبهما، فأعلما المهدي، فكلمه فقال: يا أمير المؤمنين! العلم يؤتى أهله. فقال: صدق مالك، صيرا إليه. فلما صارا إليه، قال له مؤدبهما: اقرأ علينا. فقال: إن أهل المدينة يقرءون على العالم، كما يقرأ الصبيان على المعلم، فإذا أخطئوا، أفتاهم. فرجعوا إلى المهدي، فبعث إلى مالك، فكلمه، فقال: سمعت ابن شهاب يقول: جمعنا هذا العلم في الروضة من رجال، وهم يا أمير المؤمنين: سعيد بن المسيب، وأبو سلمة، وعروة، والقاسم، وسالم، وخارجة بن زيد، وسليمان بن يسار، ونافع، وعبد الرحمن بن هرمز، ومن بعدهم: أبو الزناد، وربيعة، ويحيى بن سعيد، وابن شهاب، كل هؤلاء يقرأ عليهم، ولا يقرءون. فقال: في هؤلاء قدوة، صيروا إليه، فاقرءوا عليه، ففعلوا.

قتيبة، حدثنا معن، عن مالك، قال: قدم هارون يريد الحج، ومعه يعقوب أبو يوسف، فأتى مالك أمير المؤمنين، فقربه، وأكرمه، فلما جلس، أقبل إليه أبو يوسف، فسأله عن مسألة، فلم يجبه، ثم عاد، فسأله فلم يجبه، ثم عاد، فسأله، فقال هارون: يا أبا عبد الله! هذا قاضينا يعقوب يسألك. قال: فأقبل عليه مالك، فقال: يا هذا! إذا رأيتني جلست لأهل الباطل فتعال، أجبك معهم.

السراج: حدثنا قتيبة: كنا إذا دخلنا على مالك، خرج إلينا مُزَيَّنًا، مكحلا، مطيبًا، قد لبس من أحسن ثيابه، وتصدر الحلقة، ودعا بالمراوح، فأعطى لكل منا مروحة.

محمد بن سعد: حدثني محمد بن عمر، قال: كان مالك يأتي المسجد، فيشهد الصلوات، والجمعة، والجنائز، ويعود المرضى، ويجلس في المسجد، فيجتمع إليه أصحابه، ثم ترك الجلوس، فكان يصلي وينصرف، وترك شهود الجنائز، ثم ترك ذلك كله والجمعة، واحتمل الناس ذلك كله، وكانوا أرغب ما كانوا فيه، وربما كلم في ذلك فيقول: ليس كل أحد يقدر أن يتكلم بعذره.

وكان يجلس في منزله على ضجاعٍ له، ونمارق (١) مطروحة في منزله يمنة ويسرة لمن يأتيه من قريش والأنصار والناس.


(١) النَّمارق: جمع نمرقة وهي الوسادة.

<<  <  ج: ص:  >  >>