الحديث إلا صحيحًا، ولا يحدث إلا عن ثقة، ما أرى المدينة إلا ستَخربُ بعد موته -يعني: من العلم.
الطحاوي: حدثنا يونس، سمعت سفيان -وذكر حديثًا- فقالوا: يخالفك فيه مالك. فقال: أتقرنني بمالك? ما أنا وهو إلا كما قال جرير:
وابن اللبون إذا ما لز في قرن
لم يستطع صولة البزل القناعيس (١)
ثم قال يونس: سمعت الشافعي يقول: مالك وابن عيينة القرينان، ولولا مالك وابن عيينة، لذهب علم الحجاز.
وهب بن جرير، وغيره، عن شعبة، قال: قدمت المدينة بعد موت نافع بسنة، ولمالك بن أنس حَلْقة.
وقال حماد بن زيد: حدثنا أيوب، قال: لقد كان لمالك حلقة في حياة نافع.
وقال أشهب: سألت المغيرة بن عبد الرحمن عن مالك وابن الماجشون، فرفع مالكًا، وقال: ما اعتدلا في العلم قط.
ابن المديني: سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول: أخبرني وهيب -وكان من أبصر الناس بالحديث والرجال- أنه قدم المدينة، قال: فلم أر أحدًا إلا تعرف وتنكر إلا مالكًا، ويحيى بن سعيد الأنصاري.
قال عبد الرحمن: لا أقدم على مالك في صحة الحديث أحدًا.
وقال ابن لهيعة: قلت لأبي الأسود: من للرأي بعد ربيعة بالمدينة? قال: الغلام الأصبحي.
الحارث بن مسكين: سمعت ابن وهب يقول: لولا أني أدركت مالكًا والليث، لضللت.
هارون بن سعيد: سمعت ابن وهب ذكر اختلاف الحديث والروايات، فقال: لولا أني لقيت مالكًا، لضللت.
(١) ابن اللبون: ما أوفى على ثلاث سنين. لُزَّ: رُبط. القَرَن: الحبل الذي يشد به البعيران ونحوهما فيقرنان معا. البُزْل: جمع بازل: البعير الذي دخل في السنة التاسعة. والقناعيس: جمع قِنعاس: الجمل الضخم العظيم الشديد القوة. قال البغدادي في "خزانة الأدب": ضربه مثلا لمن يعارضه ويهاجيه، يقول: من رام إدراكي كان بمنزلة ابن اللبون إذا قرن في قرن مع البازل القنعاس، إن صال عليه لم يقدر على دفع صولته ومقاومته، وإن رام النهوض معه قصر عن عدوته.