وقال ابن عدي: أخبرنا محمد بن عيسى المروزي -فيما كتب إلي- قال: حدثنا أبي، عيسى بن محمد، قال: حدثنا العباس بن مصعب، حدثنا قتيبة، حدثنا وكيع، حدثنا إسماعيل بن أبي خالد، فساق الحديث. ثم قال قتيبة: حدث وكيع بمكة بهذا سنة حج الرشيد، فقدموه إليه، فدعا الرشيد سفيان بن عيينه، وعبد المجيد بن أبي رواد، فأما عبد المجيد، فإنه قال: يجب أن يقتل، فإنه لم يرو هذا إلا من في قلبه غش للنبي ﷺ. وقال سفيان: لا قتل عليه، رجل سمع حديثًا، فأرواه، والمدينة شديدة الحر، توفي النبي ﷺ فترك ليلتين؛ لأن القوم في إصلاح أمر الأمة، واختلفت قريش والأنصار، فمن ذلك تغير. قال قتيبة: فكان وكيع إذا ذكر فعل عبد المجيد، قال: ذاك جاهل، سمع حديثًا لم يعرف وجهه، فتكلم بما تكلم.
قلت: فرضنا أنه ما فهم توجيه الحديث على ما تزعم، أفمالك عقل وورع? أما سمعت قول الإمام علي: حدثوا الناس بما يعرفون، ودعوا ما ينكرون، أتحبون أن يكذب الله ورسوله؟ أما سمعت في الحديث:"ما أنت محدث قومًا حديثًا لا تبلغه عقولهم، إلا كان فتنة لبعضهم"؟ ثم إن وكيعًا بعدها تجاسر وحج، وأدركه الأجل بفيد.
قال أبو حاتم الرازي: حدثنا أحمد بن حنبل، حدثنا وكيع بحديث في الكرسي، قال: فاقشعر رجل عند وكيع، فغضب، وقال: أدركنا الأعمش والثوري يحدثون بهذه الأحاديث، ولا ينكرونها.
قال يحيى بن يحيى التميمي: سمعت وكيعًا يقول: من شك أن القرآن كلام الله -يعني: غير مخلوق- فهو كافر.
وقال أحمد بن إبراهيم الدورقي: سمعت وكيعًا يقول: نسلم هذه الأحاديث كما جاءت، ولا نقول: كيف كذا? ولا لم كذا? يعني: مثل حديث: "يحمل السماوات على إصبع".
قال أبو هشام الرفاعي: سمعت وكيعًا يقول: من زعم أن القرآن مخلوق، فقد زعم أنه محدث، ومن زعم أن القرآن محدث، فقد كفر.
قال علي بن عثام: مرض وكيع، فدخلنا عليه، فقال: إن سفيان أتاني، فبشرني بجواره، فأنا مبادر إليه.
قال أبو هشام الرفاعي: مات وكيع سنة سبع وتسعين ومائة، يوم عاشوراء، فدفن بفيد. يعني: راجعًا من الحج