للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ودسناك! قال أبي فما شعرت بذلك وأتوني بسويق وقالوا اشرب وتقيأ فقلت لا أفطر ثم جيء بي إلى دار إسحاق بن إبراهيم فحضرت الظهر فتقدم بن سماعة فصلى فلما انفتل من صلاته وقال لي صليت والدم يسيل في ثوبك؟ قلت قد صلى عمر وجرحه يثعب دماً.

قال صالح ثم خلي عنه فصار إلى منزله وكان مكثه في السجن منذ أخذ إلى إن ضرب وخلي عنه ثمانية وعشرين شهراً ولقد حدثني أحد الرجلين اللذين كانا معه قال يا بن أخي رحمة الله على أبي عبد الله والله ما رأيت أحداً يشبهه ولقد جعلت أقول له في وقت ما يوجه إلينا بالطعام يا أبا عبد الله أنت صائم وأنت في موضع تفئة ولقد عطش فقال لصاحب الشراب ناولني فناوله قدحاً فيه ماء وثلج فأخذه ونظر فيه ثم رده ولم يشرب فجعلت أعجب من صبره على الجوع والعطش وهو فيما هو فيه من الهول! قال صالح فكنت ألتمس وأحتال إن أوصل إليه طعاماً أو رغيفاً في تلك الأيام فلم أقدر وأخبرني رجل حضره أنه تفقده في الأيام الثلاثة وهم يناظرونه فما لحن في كلمة قال وما ظننت إن أحداً يكون في مثل شجاعته وشدة قلبه.

قال حنبل سمعت أبا عبد الله يقول ذهب عقلي مراراً فكان إذا رفع عني الضرب رجعت إلي نفسي وإذا استرخيت وسقطت رفع الضرب أصابني ذلك مراراً ورأيته يعني المعتصم قاعداً في الشمس بغير مظلة فسمعته وقد أفقت يقول لابن أبي داود لقد ارتكبت إثماً في أمر هذا الرجل فقال يا أمير المؤمنين إنه - والله - كافر مشرك قد أشرك من غير وجه فلا يزال به حتى يصرفه عما يريد وقد كان أراد تخليتي بلا ضرب فلم يدعه ولا إسحاق بن إبراهيم.

قال حنبل وبلغني إن المعتصم قال لابن أبي داود بعدما ضرب أبو عبد الله كم ضرب؟ قال أربعة أو نيفاً وثلاثين سوطاً.

قال أبو الفضل عبيد الله الزهري قال المروذي قلت وأبو عبد الله بين الهنبازين يا أستاذ قال الله تعالى "لا تقتلوا أنفسكم" النساء: ٢٩. قال يا مروذي اخرج وانظر فخرجت إلى رحبة دار الخلافة فرأيت خلقاً لا يحصيهم إلا الله والصحف في أيديهم والأقلام والمحابر فقال لهم المروذي ماذا تعملون؟ قالوا ننظر ما يقول أحمد فنكتبه فدخل فأخبره فقال يا مروذي! أضل هؤلاء كلهم؟! فهذه حكاية منقطعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>