للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فقال الطفاوي يا أبا عبد الله إنك محمود عند العامة فقال أحمد الله على ديني إنما هذا دين لو قلت لهم كفرت فقال الطفاوي أخبرني بما صنعوا بك؟ قال لما ضربت بالسياط جعلت أذكر كلام الأعرابي ثم جاء ذاك الطويل اللحية يعني عجيفاً - فضربني بقائم السيف ثم جاء ذاك فقلت قد جاء الفرج يضرب عنقي فأستريح فقال له بن سماعة يا أمير المؤمنين اضرب عنقه ودمه في رقبتي فقال بن أبي داود لا يا أمير المؤمنين لا تفعل فإنه إن قتل أو مات في دارك قال الناس صبر حتى قتل فاتخذه الناس إماماً وثبتوا على ما هم عليه ولكن أطلقه الساعة فإن مات خارجاً من منزلك شك الناس في أمره وقال بعضهم أجاب وقال بعضهم لم يجب فقال الطفاوي وما عليك لو قلت؟ قال أبو عبد الله لو قلت لكفرت.

وبه قال بن أبي حاتم سمعت أبا زرعة يقول دعا المعتصم بعم أحمد ثم قال للناس تعرفونه؟ قالوا نعم هو أحمد بن حنبل قال فانظروا إليه أليس هو صحيح البدن؟ قالوا نعم ولولا أنه فعل ذلك لكنت أخاف إن يقع شيء لا يقام له قال ولما قال قد سلمته إليكم صحيح البدن هدأ الناس وسكنوا.

قلت ما قال هذا مع تمكنه في الخلافة وشجاعته إلا عن أمر كبير كأنه خاف إن يموت من الضرب فتخرج عليه العامة ولو خرج عليه عامة بغداد لربما عجز عنهم.

وقال حنبل لما أمر المعتصم بتخلية أبي عبد الله خلع عليه مبطنة وقميصاً وطيلساناً وقلنسوة وخفاً فبينا نحن على باب الدار والناس في الميدان والدروب وغيرها وغلقت الأسواق إذ خرج أبو عبد الله على دابة من دار المعتصم في تلك الثياب وأحمد بن أبي داود عن يمينه وإسحاق بن إبراهيم - يعني نائب بغداد - عن يساره فلما صار في الدهليز قبل إن يخرج قال لهم بن أبي داود اكشفوا رأسه فكشفوه يعني من الطيلسان وذهبوا يأخذون به ناحية الميدان نحو طريق الحبس فقال لهم إسحاق خذوا به ها هنا يريد دجلة فذهب به إلى الزورق وحمل إلى دار إسحاق بن إبراهيم فأقام عنده إلى إن صليت الظهر وبعث إلى والدي وإلى جيراننا ومشايخ المحال فجمعوا وأدخلوا عليه فقال لهم هذا أحمد بن حنبل إن كان فيكم من يعرفه وإلا فليعرفه.

وقال بن سماعة - حين دخل الجماعة - لهم هذا أحمد بن حنبل وإن أمير المؤمنين ناظره في أمره وقد خلى سبيله وها هو ذا فأخرج على فرس لإسحاق بن إبراهيم عند غروب الشمس فصار إلى منزله ومعه السلطان والناس وهو منحن فلما ذهب لينزل

<<  <  ج: ص:  >  >>