للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هذا شيئاً وإني لأرى له السمع والطاعة في عسري ويسري ومنشطي ومكرهي وأثرة علي وإني لأدعو الله له بالتسديد والتوفيق في الليل والنهار في كلام كثير فقال مظفر قد أمرني أمير المؤمنين إن أحلفك قال فأحلفه بالطلاق ثلاثاً إن ما عنده طلبة أمير المؤمنين ثم فتشوا منزل أبي عبد الله والسرب والغرف والسطوح وفتشوا تابوت الكتب وفتشوا النساء والمنازل فلم يروا شيئاً ولم يحسوا بشي ورد الله الذين كفروا بغيظهم وكتب بذلك إلى المتوكل فوقع منه موقعاً حسناً وعلم إن أبا عبد الله مكذوب عليه وكان الذي دس عليه رجل من أهل البدع ولم يمت حتى بين الله أمره للمسلمين وهو بن الثلجي (٢٧٣).

فلما كان بعد أيام بينا نحن جلوس بباب الدار إذا يعقوب أحد حجاب المتوكل قد جاء فاستأذن على عبد الله فدخل ودخل أبي وأنا ومع بعض غلمانه بدرة (٢٧٤) على بغل ومعه كتاب المتوكل فقرأه على أبي عبد الله إنه صح عند أمير المؤمنين براءة ساحتك وقد وجه إليك بهذا المال تستعين به فأبى إن يقبله وقال مالي إليه حاجة فقال يا أبا عبد الله اقبل من أمير المؤمنين ما أمرك به فإنه خير لك عنده فإنك إن رددته خفت إن يظن بك سوءاً فحينئذ قبلها فلما خرج قال يا أبا علي قلت لبيك قال ارفع هذه الإنجانة وضعها يعني البدرة تحتها ففعلت وخرجنا فلما كان من الليل إذا أم ولد أبي عبد الله تدق علينا الحائط فقالت مولاي يدعو عمه فأعلمت أبي وخرجنا فدخلنا على أبي عبد الله وذلك في جوف الليل فقال يا عم ما أخذني النوم قال ولم؟ قال لهذا المال وجعل يتوجع لأخذه وأبي يسكنه ويسهل عليه وقال حتى تصبح وترى فيه رأيك فإن هذا ليل والناس في المنازل فأمسك وخرجنا فلما كان من السحر وجه إلى عبدوس بن مالك وإلى الحسن بن البزار فحضرا وحضر جماعة منهم هارون الحمال وأحمد بن منيع وبن الدورقي وأبي وأنا وصالح وعبد الله وجعلنا نكتب من يذكرونه من أهل الستر والصلاح ببغداد والكوفة فوجه منها إلى أبي كريب وللأشج وإلى من يعلمون حاجته ففرقها كلها ما بين الخمسين إلى المئة وإلى المئتين فما بقي في الكيس درهم.

فلما كان بعد ذلك مات الأمير إسحاق بن إبراهيم وابنه محمد ثم ولي بغداد عبد الله


(٢٧٣) هو: العلامة محمد بن شجاع ابن الثلجي البغدادي، صاحب التصانيف، مات في آخر سنة ست وستين ومائتين.
(٢٧٤) البَدْرَةُ: كيسٌ فيه ألف أو عشرة آلاف، سُمِّيت بِبَدْرة السَّخْلَة، والجمع البُدُور.

<<  <  ج: ص:  >  >>