للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رجل يا رسول الله ذهبت اثنتان وبقيت واحدة؟ قال "فإن عليه شعبة من نفاق ما بقي فيه منهن شيء (٣١٠). هذا حديث حسن الإسناد وأبو معشر نجيح السندي صدوق في نفسه وما هو بالحجة وأما المتن فقد رواه جماعة عن أبي هريرة.

وفيه دليل على أن النفاق يتبعض ويتشعب كما أن الإيمان ذو شعب ويزيد وينقص فالكامل الإيمان من اتصف بفعل الخيرات وترك المنكرات وله قرب ماحية لذنوبه كما قال تعالى "إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم" الأنفال: ٢، إلى قوله "أؤلئك هم المؤمنون حقاً" الأنفال: ٤، وقال "قد أفلح المؤمنون" المؤمنون: ١، إلى قوله "أؤلئك هم الوارثون الذين يرثون الفردوس" المؤمنون: ١٠ و ١١، ودون هؤلاء خلق من المؤمنين الذين خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً ودونهم عصاة المسلمين ففيهم إيمان ينجون به من خلود عذاب الله تعالى وبالشفاعة ألا تسمع إلى الحديث المتواتر "أنه يخرج من النار من في قلبه وزن ذرة من إيمان" (٣١١) وكذلك شعب النفاق من الكذب والخيانة والفجور والغدر والرياء وطلب العلم ليقال وحب الرئاسة والمشيخة وموادة الفجار والنصارى فمن ارتكبها كلها وكان في قلبه غل النبي ﷺ أو حرج من قضاياه أو يصوم رمضان غير محتسب أو يجوز أن دين النصارى أو اليهود دين مليح ويميل إليهم فهذا لا ترتب في أنه كامل النفاق وأنه في الدرك الأسفل من النار وصفاته الممقوتة عديدة في الكتاب والسنة من قيامه إلى الصلاة كسلان وأدائه الزكاة وهو كاره وإن عامل الناس فبالمكر والخديعة قد اتخذ إسلامه جنة نعوذ بالله من النفاق فقد خافه سادة الصحابة على نفوسهم.

فإن كان فيه شعبة من نفاق الأعمال فله قسط من المقت حتى يدعها ويتوب منها أما من كان في قلبه شك من الإيمان بالله ورسوله فهذا ليس بمسلم وهو من أصحاب النار كما أن من في قلبه جزم بالإيمان بالله ورسله وملائكته وكتبه وبالمعاد وإن اقتحم الكبائر فإنه ليس بكافر قال تعالى "هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن" التغابن: ٢،


(٣١٠) هذا إسناد ضعيف فيه أبو معشر نجيح السِّندي، فإنه ضعيف لكن الحديث قد ورد عن أبي هريرة من طريق آخر: أخرجه البخاري (٣٤)، ومسلم (٥٩) من طريق إسماعيل بن جعفر بن أبي كثير المدني، عن نافع بن مالك بن أبي عامر، عن أبيه، عن أبي هريرة، به.
(٣١١) صحيح: أخرجه البخاري (٤٤)، ومسلم (١٩٣) (٣٢٥) من طريق قتادة، عن أنس، به.

<<  <  ج: ص:  >  >>