وفي سنة (٢٤٢): الزلزلة بقومس، والدامغان، والري، وطبرستان، ونيسابور، وأصبهان، وهلك منها بضعة وأربعون ألفًا، وانهد نصف مدينة الدامغان.
وفي سنة (٢٤٤): نفى المتوكل طبيبه يختيشوع (١). واتفق عيد النحر وعيد النصارى وعيد الفطير في يوم واحد.
وفي سنة (٢٤٥): عمت الزلزلة الدنيا، ومات منها خلائق. وبنى المتوكل الماحوزة، وسماها الجعفري، وأنفق عليها بعد معاونة الجيش له ألفي ألف دينار، وتحول إليها، وفيها وقع بناحية بلخ مطر كالدم العبيط.
وكان المتوكل جوادًا ممدحًا لعابًا، وأراد أن يعزل من العهد المنتصر، ويقدم عليه المعتز لحبه أمه قبيحة، فأبى المنتصر، فغضب أبوه، وتهدده، وأغرى به، وانحرفت الأتراك على المتوكل لمصادرته وصيفًا وبغا حتى اغتالوه.
قال المبرد: قال المتوكل لعلي بن محمد بن الرضا: ما يقول ولد أبيك في العباس? قال: ما تقول يا أمير المؤمنين في رجل فرض الله طاعته على نبيه، وذكر حكاية طويلة، وبكى المتوكل، وقال له: يا أبا الحسن، لينت منا قلوبًا قاسية، أعليك دين? قال: نعم، أربعة آلاف دينار فأمر له بها.
حكى المسعودي أن بغا الصغير دعا بباغر التركي، فكلمه، وقال: قد صح عندي أن المنتصر عامل على قتلي، فاقتله. قال: كيف بقتله والمتوكل باق? إذًا يقيدكم به، قال: فما الرأي? قال: نبدأ به، قال: ويحك وتفعل?! قال: نعم. قال: فادخل على أثري، فإن قتلته، وإلا فاقتلني، وقل: أراد أن يقتل مولاه. فتم التدبير، وقتل المتوكل.
وحدث البحتري قال: اجتمعنا في مجلس المتوكل، فذكر له سيف هندي، فبعث إلى اليمن، فاشتري له بعشرة آلاف، فأعجبه. وقال للفتح: ابغني غلامًا أدفع إليه هذا السيف لا يفارقني به، فأقبل باغر، فقال الفتح بن خاقان: هذا موصوف بالشجاعة والبسالة فأعطاه السيف، وزاد في أرزاقه. فما انتضى السيف إلا ليلة، ضربه به باغر، فلقد رأيت من المتوكل في ليلته عجبًا، رأيته يذم الكبر ويتبرأ منه. ثم سجد وعفر وجهه ونثر التراب على رأسه، وقال: إنما أنا عبد فتطيرت له، ثم جلس، وعمل فيه النبيذ، وغني صوتًا أعجبه، فبكى، فتطيرت من بكائه. فإنا في ذلك إذ بعثت له قبيحة خلعة استعملها دراعة حمراء من خز
(١) هو: يخيشوع بن جبريل، طبيب نصراني، له تصانيف عديدة، توفى سنة ستين ومائتين.