للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كتبي، فاعملوا به وعليه. وكلامًا هذا معناه، وأكثر من التشهد وذكر الله ﷿ ومسح يده على وجهه، وغمض بصره بيده، وبسطها وقد فارقت روحه الدنيا.

وكان مولده سنة أربع وعشرين ومائتين، ورحل من آمل لما ترعرع وحفظ القرآن، وسمح له أبوه في أسفاره، وكان طول حياته يمده بالشيء بعد الشيء إلى البلدان، فيقتات به، ويقول فيما سمعته: أبطأت عني نفقة والدي، واضطررت إلى أن فتقت كمي قميصي فبعتهما.

قلت: جمع طرق حديث: غدير خم، في أربعة أجزاء، رأيت شطره، فبهرني سعة رواياته، وجزمت بوقوع ذلك.

قيل لابن جرير: إن أبا بكر بن أبي داود يملي في مناقب علي. فقال: تكبيرة من حارس. وقد وقع بين ابن جرير وبين ابن أبي داود. وكان كل منهما لا ينصف الآخر. وكانت الحنابلة حزب أبي بكر بن أبي داود. فكثروا وشغبوا على ابن جرير. وناله أذى، ولزم بيته، نعوذ بالله من الهوى.

وكان ابن جرير من رجال الكمال، وشنع عليه بيسير تشيع، وما رأينا إلَّا الخير، وبعضهم ينقل عنه أنه كان يجيز مسح الرجلين في الوضوء، ولم نر ذلك في كتبه.

ولأبي جعفر في تآليفه عبارة وبلاغة، فمما قاله في كتاب "الآداب النفيسة والأخلاق الحميدة": القول في البيان عن الحال الذي يجب على العبد مراعاة حاله فيما يصدر من عمله لله عن نفسه، قال: إنه لا حالة من أحوال المؤمن يغفل عدوه الموكل به عن دعائه إلى سبيله، والقعود له رصدًا بطرق ربه المستقيمة، صادًا له عنها، كما قال لربه -عز ذكره- إذ جعله من المنظرين: ﴿لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ، ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِم﴾ [الأعراف: ١٦ - ١٧] طمعًا منه في تصديق ظنه عليه إذ قال: لربه: ﴿لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا﴾ [الإسراء: ٦٢]، فحق على كل ذي حجى أن يجهد نفسه في تكذيب ظنه، وتخييبه منه أمله وسعيه فيما أرغمه، ولا شيء من فعل العبد أبلغ في مكروهه من طاعته ربه، وعصيانه أمره، ولا شيء أسر إليه من عصيانه ربه، واتباعه أمره.

فكلام أبي جعفر من هذا النمط، وهو كثير مفيد.

وقد حكى أبو علي التنوخي في "النشوار" له، عن عثمان بن محمد السلمي، قال: حدثني ابن منجو القائد قال: حدثني غلام لابن المزوق، قال: اشترى مولاي جارية، فزوجنيها فأحببتها وأبغضتني حتى ضجرت، فقلت لها: أنت طالق ثلاثًا، لا تخاطبيني بشيء إلَّا قلت لك مثله، فكم أحتملك؟ فقالت في الحال: أنت طالق ثلاثًا فأبلست، فدللت

<<  <  ج: ص:  >  >>