للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد خرج عليه أبو ركوة الوليد بن هشام العثماني الأندلسي بأرض برقة، والتف عليه البربر، واستفحل أمره، فجهز الحاكم لحربه جيشًا، فانتصر أبو ركوة وتملك وجرت خطوب، ثم أسر وقتل من جنده نحو من سبعين ألفًا. وحمل إلى الحاكم في سنة ٣٩٧، فذبحه صبرًا.

وقد حبب في الآخر إلى الحاكم العزلة، وبقي يركب وحده في الأسواق على حمار، ويقيم الحسبة بنفسه، وبين يديه عبد ضخم فاجر، فمن وجب عليه تأديب، أمر العبد أن يولج فيه، والمفعول به يصيح.

وقيل: إنه أراد ادعاء الإلهية، وشرع في ذلك، فكلمه الكبراء، وخوفوه من وثوب الناس، فتوقف.

وفي سنة إحدى وأربع مائة، أقام الدعوة قرواش بن مقلد بالموصل للحاكم، فأعطى الخطيب نسخة بما يقوله: الحمد لله الذي انجلت بنوره غمرات الغصب وانقهرت بقدرته أركان النصب، وأطلع بأمره شمس الحق من الغرب، ومحا بعدله جور الظلمة، فعاد الحق إلى نصابه الباين بذاته، المنفرد بصفاته، لم يشبه الصور فتحتويه الأمكنة، ولم تره العيون فتصفه.

ثم صلى على النبي ، ثم علي أمير المؤمنين، وسيد الوصيين، وعماد العلم، وعلى أغصانه البواسق. اللهم وصل على الإمام المهدي بك، والذي جاء بأمرك، وصل على القائم بأمرك، والمنصور بنصرك، وعلى المعز لدينك، المجاهد في سبيلك، وصل على العزيز بك، واجعل نوامي صلواتك على مولانا إمام الزمان، وحصن الإيمان، صاحب الدعوة العلوية عبدك ووليك أبي علي الحاكم بأمرك أمير المؤمنين.

وأقيمت الدعوة على يد قرواش بالكوفة وبالمدائن.

ثم استمال القادر بالله قرواشًا، ونفذ إليه تحفا بثلاثين ألف دينار، فأعاد له الخطبة.

واستحوذت العرب على الشام، وحاصروا القلاع.

وتم القحط الشديد بنيسابور ونواحيها، حتى هلك مائة ألف أو يزيدون. وأكلت الجيف ولحوم الآدميين.

وفي الأربع مائة وبعدها: كانت الأندلس تغلي بالحروب والقتال على الملك.

وأنشأ دارًا كبيرة ملأها قيودًا وأغلالًا وجعل لها سبعة أبواب، وسماها جهنم، فكان من سخط عليه، أسكنه فيها.

<<  <  ج: ص:  >  >>