أبو موسى: حَدَّثنا الحسين بن عبد الملك، عن سعد بن علي الزنجاني، سمع أبا نصر الوائلي يقول: لما ورد أبو الفضل الهمذاني نيسابور تعصَّبوا له، ولقَّبوه: بديع الزمان، فأعجب بنفسه؛ إذ كان يحفظ المائة بيت إذا أنشدت مرةً، وينشدها من آخرها إلى أولها مقلوبةً، فأنكر على الناس قولهم: فلانٌ الحافظ في الحديث. ثم قال: وحفظ الحديث مما يذكر?! فسمع به الحاكم ابن البيع، فوجه إليه بجزء، وأجل له جمعةً في حفظه، فردَّ إليه الجزء بعد الجمعة، وقال: من يحفظ هذا? محمد بن فلان، وجعفر بن فلان، عن فلان? أساميّ مختلفة، وألفاظ متباينة? فقال له الحاكم: فاعرف نفسك، واعلم أنَّ هذا الحفظ أصعب مما أنت فيه.
ثم روى أبو موسى المديني: أنَّ الحاكم دخل الحمَّام، فاغتسل، وخرج. وقال: آه. وقبضت روحه وهو متَّزر لم يلبس قميصه بعد، ودُفِنَ بعد العصر يوم الأربعاء، وصلَّى عليه القاضي أبو بكر الحيري.
قال الحسن بن أشعث القرشي: رأيت الحاكم في المنام على فرس في هيئة حسنة وهو يقول: النجاة، فقلت له: أيها الحاكم! في ماذا? قال: في كتبة الحديث.
الخطيب في تاريخه: حدَّثني الأزهري قال: ورد ابن البيع بغداد قديمًا، فقال: ذكر لي أن حافظكم -يعني الدارقطني- خرَّج لشيخ واحد خمس مائة جزء، فأروني بعضها. فحمل إليه منها، وذلك مما خرَّجه لأبي إسحاق الطبريّ، فنظر في أول الجزء الأول حديثًا لعطية العوفي، فقال: استفتح بشيخ ضعيف. ورمى الجزء، ولم ينظر في الباقي.
قال ابن طاهر: سألت سعد بن علي الحافظ عن أربعة تعاصروا: أيهم أحفظ? قال: من? قلت: الدارقطني، وعبد الغني، وابن منده، والحاكم. فقال: أما الدارقطني فأعلمهم بالعلل، وأما عبد الغني فأعلمهم بالأنساب، وأما ابن منده فأكثرهم حديثًا مع معرفة تامَّة، وأما الحاكم فأحسنهم تصنيفًا.
أنبأني أحمد بن سلامة، عن محمد بن إسماعيل الطرسوسي، عن ابن طاهر: أنه سأل أبا إسماعيل عبد الله بن محمد الهروي، عن أبي عبد الله الحاكم، فقال: ثقة في الحديث، رافضيّ خبيث.
قلت: كلّا ليس هو رافضيًّا، بل يتشيِّع.
قال ابن طاهر: كان شديد التعصّب للشيعة في الباطن، وكان يظهر التسنُّن في التقديم