قال السمعاني: كان يحب أن يقع في الناس. فرد ابن الجوزي هذا، وقبحه، وقال: صاحب الحديث يجرح ويعدل، أفلا تفرق يا هذا بين الجرح والغيبة?! ثم قال: وهو قد احتج بكلام ابن ناصر في كثير من التراجم في "الذيل" له. ثم بالغ ابن الجوزي في الحط على أبي سعد، ونسبه إلى التعصب البارد على الحنابلة، وأنا فما رأيت أبا سعد كذلك، ولا ريب أن ابن ناصر يتعسف في الحط على جماعة من الشيوخ، وأبو سعد أعلم بالتاريخ، وأحفظ من ابن الجوزي ومن ابن ناصر، وهذا قوله في ابن ناصر في "الذيل"، قال: هو ثقة حافظ دين متقن ثبت لغوي، عارف بالمتون والأسانيد، كثير الصلاة والتلاوة، غير أنه يحب أن يقع في الناس، وهو صحيح القراءة والنقل، وأول سماعه في سنة ثلاث وسبعين من أبي طاهر الأنباري.
وقال ابن النجار في "تاريخه": كان ثقةً ثبتًا، حسن الطريقة، متدينًا، فقيرًا متعففًا، نظيفًا نزهًا، وقف كتبه، وخلف ثيابًا خليعًا وثلاثة دنانير، ولم يعقب، سمعت ابن سكينة وابن الأخضر وغيرهما يكثرون الثناء عليه، ويصفونه بالحفظ والإتقان والديانة والمحافظة على السنن والنوافل، وسمعت جماعةً من شيوخي يذكرون أنه وابن الجواليقي كانا يقرآن الأدب على أبي زكريا التبريزي، ويطلبان الحديث، فكان الناس يقولون: يخرج ابن ناصر لغوي بغداد، ويخرج أبو منصور بن الجواليقي محدثها، فانعكس الأمر، وانقلب ..
قلت: قد كان ابن ناصر من أئمة اللغة أيضًا.
قال ابن النجار: سمعت ابن سكينة يقول: قلت لابن ناصر: أريد أن أقرأ عليك ديوان المتنبي، وشرحه لأبي زكريا التبريزي. فقال: إنك دائمًا تقرأ علي الحديث مجانًا، وهذا شعر، ونحن نحتاج إلى نفقة. قال: فأعطاني أبي خمسة دنانير، فدفعتها إليهن وقرأت الكتاب.
وقال أبو طاهر السلفي: سمع ابن ناصر معنا كثيرًا، وهو شافعي أشعري، ثم انتقل إلى مذهب أحمد في الأصول والفروع، ومات عليه، وله جودة حفظ وإتقان، وحسن معرفة، وهو ثبت إمام.
وقال أبو موسى المديني: هو مقدم أصحاب الحديث في وقته ببغداد.
أنبؤونا عن ابن النجار قال: قرأت بخط ابن ناصر وأخبرنيه عنه سماعًا يحيى بن الحسين قال: بقيت سنين لا أدخل مسجد أبي منصور الخياط، واشتغلت بالأدب على التبريزي، فجئت يومًا لأقرأ الحديث على الخياط، فقال: يا بني، تركت قراءة القرآن، واشتغلت بغيره?!