ثم وقع النوح والمأتم في جزائر البحر وإلى رومية، ونودي بالنفير إلى نصرة الصليب، فأتى السلطان من عساكر الفرنج ما لا قبل له به، وأحاطوا بعكا.
وقال آخر: أول فتوحاته الإسكندرية في سنة اثنتين وستين، وقاتل معه أهلها لما حاصرتهم الفرنج أربعة أشهر، ثم كشفهم عنه عمه أسد الدين، فتركها، وقدما الشام. ثم تملك وزارة العاضد، واستتب له الأمر، وأباد آل عبيد وعبيدهم، وتملك دمشق ثم حمص، وحماة، وحلب، وآمد، وميافارقين، وعدة بلاد بالجزيرة. وديار بكر. وبعث أخاه، فافتتح له اليمن، وسار بعض عسكره. فافتتح له بعض المغرب، ولم يزل سلطانه في ارتقاء إلى أن كسر الفرنج نوبة حطين. ثم افتتح عكا، وبيروت، وصيدا، ونابلس، وقيسارية، وصفورية، والشقيف، والطور، وحيفا، وطبرية، وتبنين، وجبيل، وعسقلان، وغزة، والقدس، وحاصر صور مدةً، وافتتح أنطرطوس، وهونين، وكوكب، وجبلة، واللاذقية، وصهيون، وبلاطنس والشغر، وبكاس، وسرمانية، وبرزية، ودربسان، وبغراس، ثم هادن برنس أنطاكية، ثم افتتح الكرك بالأمان، والشوبك وصفد وشقيف أرنون، محضر عدة وقعات.
وخلف من الأولاد: صاحب مصر الملك العزيز عثمان، وصاحب حلب الظاهر غازيًا، وصاحب دمشق الأفضل عليًا، والملك المعز فتح الدين إسحاق، والملك المؤيد مسعودًا، والملك الأعز يعقوب، والملك المظفر خضرًا، والملك الزاهر مجير الدين داود، والملك المفضل قطب الدين موسى، والملك الأشرف عزيز الدين محمدًا، والملك المحسن جمال المحدثين ظهير الدين أحمد، والمعظم فخر الدين تورانشاه، والملك الجواد ركن الدين أيوب، والملك الغالب نصير الدين ملكشاه، وعماد الدين شاذي، ونصرة الدين مروان، والملك المظفر أبا بكر، والسيدة مؤنسة زوجة الملك الكامل.
وحدث عنه: يونس الفارقي، والقاضي العماد الكاتب.
مرض بحمى صفراوية، واحتد المرض، وحدث به في التاسع رعشة وغيبة، ثم حقن مرتين، فاستراح، وسرب، ثم عرق حتى نفذ من الفراش، وقضى في الثاني عشر.
توفي بقلعة دمشق بعد الصبح من يوم الأربعاء السابع والعشرين من صفر سنة تسع وثمانين وخمس مائة.
محاسن صلاح الدين جمة، لا سيما الجهاد، فله فيه اليد البيضاء ببذل الأموال والخيل المثمنة لجنده. وله عقل جيد، وفهم، وحزم، وعزم.