سمعت فضائل بن محمد بن علي بن سرور المقدسي يقول: سمعتهم يتحدثون بمصر أن الحافظ كان قد دخل على العادل، فقام له، فلما كان اليوم الثاني، جاء الأمراء إلى الحافظ مثل سركس وأزكش، فقالوا: آمنا بكراماتك يا حافظ.
وذكروا أن العادل قال: ما خفت من أحد ما خفت من هذا. فقلنا: أيها الملك، هذا رجل فقيه. قال: لما دخل ما خيل إلي إلَّا أنه سبع.
قال الضياء: رأيت بخط الحافظ: والملك العادل اجتمعت به، وما رأيت منه إلَّا الجميل، فأقبل علي، وقام لي، والتزمني، ودعوت له، ثم قلت: عندنا قصور هو الذي يوجب التقصير. فقال: ما عندك لا تقصير ولا قصور، وذكر أمر السنة، فقال: ما عندك شيء تعاب به لا في الدين ولا الدنيا، ولا بد للناس من حاسدين.
وبلغني بعد عنه أنه قال: ما رأيت بالشام ولا مصر مثل فلان، دخل علي، فخيل إلي أنه أسد، وهذا ببركة دعائكم ودعاء الأصحاب.
قال الضياء: كانوا قد وغروا عليه صدر العادل، وتكلموا فيه، وكان بعضهم أرسل إلى العادل يبذل في قتل الحافظ خمسة آلاف دينار.
قلت: جر هذه الفتنة نشر الحافظ أحاديث النزول والصفات، فقاموا عليه، ورموه بالتجسيم، فما دارى كما كان يداريهم الشيخ الموفق.
سمعت بعض أصحابنا يحكي عن الأمير درباس: أنه دخل مع الحافظ إلى الملك العادل، فلما قضى الملك كلامه مع الحافظ، جعل يتكلم في أمر ماردين وحصارها، فسمع الحافظ، فقال: أيش هذا، وأنت بعد تريد قتال المسلمين، ما تشكر الله فيما أعطاك، أما … أما?! قال فما أعاد ولا أبدى. ثم قام الحافظ وقمت معه، فقلت: أيش هذا? نحن كنا نخاف عليك من هذا، ثم تعمل هذا العمل? قال: أنا إذا رأيت شيئًا لا أقدر أن أصبر، أو كما قال.
وسمعت أبا بكر ابن الطحان، قال: كان في دولة الأفضل جعلوا الملاهي عند الدرج، فجاء الحافظ فكسر شيئًا كثيرًا، ثم صعد يقرأ الحديث، فجاء رسول القاضي يأمره بالمشي إليه ليناظره في الدف والشبابة، فقال: ذاك عندي حرام، ولا أمشي إليه، ثم قرأ الحديث. فعاد الرسول، فقال: لا بد من المشي إليه، أنت قد بطلت هذه الأشياء على السلطان. فقال الحافظ: ضرب الله رقبته ورقبة السلطان. فمضى الرسول وخفنا، فما جاء أحد.