سنة "٥٧٠ هـ"، وبين قاضي القضاة كمال الدين أبي الفضل محمد بن عبد الله بن القاسم بن مظفر بن الشهرزوري الموصلي، المتوفى سنة "٥٧٢ هـ" وابنه قاضي القضاة أبي حامد محمد، المتوفى سنة "٥٨٦ هـ" مع التباعد بين سنتي وفاتيهما.
وفي الطبقة الثلاثين أيضا جمع بين أبي المحامد حماد بن إبراهيم بن إسماعيل بن الصفاري، المتوفى سنة "٥٧٦ هـ"، وأبيه العلامة ركن الدين أبي إسحاق إبراهيم، ولم يذكر له الحافظ سنة وفاة. وقد وضع ترجمتيهما متتاليتين.
وفي الطبقة الثلاثين أيضا جمع بين السلطان صلاح الدين يوسف بن نجم الدين أيوب بن شاذي بن مروان، المتوفى سنة "٥٨٩ هـ"، وجمعه مع بنيه في تراجم متتالية، وهم أبو الفتح عماد الدين عثمان بن السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب، المتوفى سنة "٥٩٥ هـ"، وابنه الفاضل أبو الحسن علي بن يوسف، المتوفى سنة "٦٢٢ هـ"، وابنه الظاهر سلطان حلب، غياث الدين أبو منصور، غازي ابن السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب، المتوفى سنة "٦١٣ هـ". وقد جمع الحافظ بينهم مع تباعد سني وفاتهم ووفاة أبيهم السلطان صلاح الدين.
ثم ذكر الحافظ أخا السلطان صلاح الدين في نفس الطبقة، وهو صاحب اليمن سيف الإسلام، طغتكين بن أيوب بن شاذي، المتوفى في شوال سنة "٥٩٣ هـ".
لقد كان الذهبي ذا علم ثر في كتابة التراجم، ولا غرو فهو الذي ألف تاريخ الإسلام الذي حوى تراجم كثيرة، وتذكرة الحفاظ، والعبر، وميزان الاعتدال، وغيرها من كتب التراجم، فكان ﵀ موسوعة معرفية في هذا العلم، وكان من بعده من العلماء وطلاب العلم عيال على هذه الكتب التي أثرت المكتبة الإسلامية، وأغنت العلماء في مجال طالما يحتاجون إليه في دراساتهم الحديثية والتاريخية. ولطالما بحثت عن ترجمة لأحد العلماء أو رواة الأحاديث فلم أجدها في كتب متداولة، وأقف على طلبتي في "السير"، فلا ريب أنه كتاب واسع استوعب كثيرا من تراجم الأعلام؛ ملوك وخلفاء وأمراء وولاة ووزراء وأطباء ومحدثين وفقهاء ونحاة، وشعراء، وزهاد، وفلاسفة ومتكلمين في مشارق الأرض ومغاربها لكنه عني أيما عناية بتراجم المحدثين الذين كان عظيم الإجلال والإكبار لهم، فهم الذين يحمون بيضة الإسلام، وينافحون عن حياض السنة المشرفة المصدر الثاني للتشريع، ودراسة تراجم هؤلاء المحدثين، ومعرفة شيوخهم وتلامذتهم وكلام العلماء عليهم جرحا وتعديلا مما يعوزه كل دارس للأسانيد؛ لكي يقف على درجة من صحة أو ضعف وغيره.