للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إن الحاجة إلى الدعوة ماسة، لأن العقول لا تستطيع وحدها إدراك مصالحها التي تكفل لها في الدنيا الآخرة، لأنها لا تُهدى وحدها إلى تمييز الخير من الشر، فكثيرا ما يبدو لها الشر في لباس الخير فتقع فيه، وكثير ما يظهر لها الخير في صور الشر فتعرض عنه (وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) (البقرة:٢١٦) فمهما توسعت أفهام الإنسان ومداركه ومعارفه فإنه يبقى قاصرا محدودا ومن ثم كان لا بد من الدعوة على أيدي الرسل وأتباعهم.

فإذا اتضح الهدف سرت في هذه الحياة على هدى وعندها بادر بعمل دؤوب في طموح وجدية وأخذ بقوة تستشعر قوله الله تعالى: (يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ ً) (مريم:١٢)، وقوله: (خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ) (البقرة:٦٣).

((خذوا ما أتيناكم بقوة)).

إذا كان ما تنويه فعلا مضارعاً ... ألا فاجعله ماضيا بالجوازم

في ثبات ومسارعة (اذْهَبْ أَنْتَ وَأَخُوكَ بِآياتِي وَلا تَنِيَا فِي ذِكْرِي) (طه:٤٢)، (إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ) (الانبياء:٩٠)، في تدرج وأناة واعتدال ومداومة (فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ * وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ) (الشرح:٧ - ٨)، في شجاعة وعدم تهيب وتردد.

ومن يتهيب صعود الجبال ... يعش أبد الدهر بين الحفر

في بصيرة وفرقان بإتقان (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ) (يوسف:١٠٨)، في استشارة حازم (وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ)، في عزيمة وتصميم مع وتوكل دون تسفيه رأي أو إنقاص قدر (فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ) (آل عمران:١٥٩)

إذا كنت ذا رأي فكن ذا عزيمة ... فإن فساد الرأي أن تترددا