للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ويبين له معانيها وتفاسيرها وعللها. فأجابه إلى ذلك قدر مقامه. وكان أقام في تلك الدفعة جمعة.

وسمعت سليمًا يقول: ما رأيت بعيني منذ ستين سنة أفقه، ولا أورع ولا أزهد في الدنيا من محمد بن إسماعيل.

قال عبد المجيد بن إبراهيم: ما رأيت مثل محمد بن إسماعيل كان يسوي بين القوي، والضعيف.

ذكر كرمه وسماحته وصفته وغير ذلك:

قال محمد بن أبي حاتم: كانت له قطعة أرض يكريها كل سنة بسبعمائة درهم. فكان ذلك المكتري ربما حمل منها إلى أبي عبد الله قثاة أو قثاتين؛ لأن أبا عبد الله كان معجبًا بالقثاء النضيج، وكان يؤثره على البطيخ أحيانًا فكان يهب للرجل مائة درهم كل سنة لحمله القثاء إليه أحيانًا.

قال: وسمعته يقول: كنت أستغل كل شهر خمسمائة درهم، فأنفقت كل ذلك في طلب العلم فقلت: كم بين من ينفق على هذا الوجه، وبين من كان خلوًا من المال فجمع وكسب بالعلم حتى اجتمع له فقال أبو عبد الله: ﴿مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى﴾ [الشورى: ٣٦].

قال: وكنا بفربر وكان أبو عبد الله يبني رباطًا مما يلي بخارى، فاجتمع بشر كثير يعينونه على ذلك، وكان ينقل اللبن فكنت أقول له: إنك تكفى يا أبا عبد الله فيقول: هذا الذي ينفعنا ثم أخذ ينقل الزنبرات (١) معه، وكان ذبح لهم بقرة فلما أدركت القدور دعا الناس إلى الطعام، وكان بها مائة نفس أو أكثر، ولم يكن علم أنه يجتمع ما اجتمع وكنا أخرجنا معه من فربر خبزًا بثلاثة دراهم، أو أقل فألقينا بين أيديهم فأكل جميع من حضر وفضلت أرغفة صالحة، وكان الخبز إذ ذاك خمسة أمناء بدرهم.

قال: وكان أبو عبد الله ربما يأتي عليه النهار فلا يأكل فيه رقاقة، إنما كان يأكل أحيانا لوزتين أو ثلاثًا وكان يجتنب توابل القدور مثل الحمص وغيره، فقال لي يومًا شبه المتفرج بصاحبه: يا أبا جعفر نحتاج في السنة إلى شيء كثير قلت له: قدر كم? قال: أحتاج في السنة إلى أربعة آلاف درهم، أو خمسة آلاف درهم قال: وكان يتصدق بالكثير يأخذ بيده


(١) الزنبرات: جمع زنبر، وهو الزنبيل. وهي فارسية معربة.

<<  <  ج: ص:  >  >>