للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[سورة حم: الدخان]

٨٠٠ - (خ م ت) عن مسروق بن الأجدع -رحمه الله -: قال: كُنَّا جلوساً عند عبد الله بن مسعودِ - وهو مُضْطجِعٌ بيننا - فأتاه رجل فقال: يا أبا عبد الرحمن، إنَّ قاصًّا عند أبواب كِنْدَة يَقُصُّ، ويَزعمُ: أنَّ آيةَ الدُّخان تجيء فتأخذ بأنفاس الكفار، وَيأْخُذُ المؤمنين منها كهيئة الزُّكام، فقال عبد الله - وَجلَسَ وهو غَضْبانُ-: يَا أُيُّها الناس، اتقوا الله، مَنْ عَلِمَ منكم شيئاً فلْيَقُلْ بما يعْلَمُ، ومن لا يعْلَمُ، فَلْيَقُل: الله أعلم، فإِنه أَعلمُ لأَحدِكم أنْ يقولَ لما لا يعْلَمُ: الله أعلمُ، فإِن الله تعالى قال لنَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم: {قُلْ ما أَسْأَلُكُمْ عليه من أجْرٍ وما أنا مِن المُتَكلِّفين} [ص: ٨٦] إنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم لمَّا رأَى من الناس إِدْباراً قال: اللهم سَبْعٌ (١) كسَبْعِ يُوسُفَ.

وفي رواية: أَنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم لما دعا قريشاً كَذَّبُوه، واسْتعْصَوْا عليه، فقال: اللهم أعِنِّي عليهم بسبعٍ كسبْعِ يُوسف، فأَخذتْهُمْ سَنَةٌ حَصَّتْ كُلَّ شيءٍ، حتى أكلوا الجُلودَ والمَيْتَةَ من الجوع، ويْنظُرُ إلى السماء أحدُهم، فَيرى كهَيْئَةِ الدُّخان، فأتاه أبو سفيان، فقال: يا محمد، إِنَّك جئتَ تأَمرُ بطاعةِ اللهِ ⦗٣٤٩⦘ وبصِلةِ الرَّحِمِ، وإِنَّ قَوْمَك قد هَلَكوا، فادْعُ الله- عَزَّ وجلَّ - لهم، قال الله تعالى {فارْتَقِبْ يومَ تأتي السَّماءُ بدُخَانٍ مُبين. يَغْشَى الناسَ هذا عذابٌ أليم. ربَّنا اكشِفْ عنا العذابَ إنا مؤمنون. أَنَّى لهم الذكرى وقد جاءهم رسولٌ مُبين. ثم تَولَّوْا عنه وقالوا مُعَلَّمٌ مجنونٌ. إِنَّا كاشِفُوا العَذَابِ قَليلاً إِنَّكُمْ عائدون} [الدخان: ١٠- ١٥] قال عبدُ الله: أفَيُكْشَفُ عذابُ الآخرة {يوم نَبْطِش البَطْشَةَ الكبرى إِنَّا منتقمون} فالبطشَةُ: يومُ بدرٍ.

وفي رواية قال: قال عبد اللهِ: إنما كان هذا؛ لأن قريشاً لما اسْتَعْصَوا على النبي صلى الله عليه وسلم، دعا عليهم بِسِنِينَ كَسِني يوسفَ فأصابهم قَحْطٌ وجَهْدٌ، حتى أكلوا العظامَ، فجعل الرجلُ ينظرُ إلى السماء فيرى ما بينه وبينها كهيئة الدخان من الجَهدِ، فأنزل الله عز وجل {فارْتَقِبْ يومَ تأتي السَّماءُ بدُخَانٍ مُبين. يَغْشَى الناسَ هذا عذابٌ أليم} قال: فأُتي (٢) رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فقيل: يا رسولَ الله، اسْتَسْقِ الله لِمُضَرَ (٣) ، فإنها قد هَلَكَتْ. قال: ⦗٣٥٠⦘ لِمُضَرَ (٤) ؟ إنك لجريء فاستسقى لهم، فَسُقُوا، فنزلت: {إنكم عَائدون} فلما أصابهم الرفاهيةُ، عَادُوا إلى حالهم، حين أصابتهم الرفاهية، فأنزل الله عز وجل {يوم نَبْطِش البَطْشَةَ الكبرى إِنَّا منتقمون} قال: يعني يومَ بدر.

وفي رواية نحوه، وفيها: فقيل له: إِنْ كَشَفنا عنهم عادوا، فدعا ربَّه فكشف عنهم، فعادوا، فانتقم الله منهم يومَ بدرٍ، فذلك قولُه: {فارْتَقِبْ يومَ تأتي السَّماءُ بدُخَانٍ مُبين - إلى قوله - إنا منتقمون} . هذه رواية البخاري، ومسلم.

وفي رواية الترمذي مثل الرواية الأولى إلى قوله: {فارْتَقِبْ يومَ تأتي السَّماءُ بدُخَان مُبين. يَغْشَى الناسَ هذا عذابٌ أليم} قال أحد رواتِهِ: هذا كقوله: {ربنا اكشف عنَّا العذابَ} فهل يكشفُ عذابُ الآخرة؟ قد مضى البطشةُ واللِّزامُ والدخانُ، وقال أحدهم: القمر، وقال الآخر: الرومُ واللزام يوم بدرٍ.

وقد أخرج البخاري في أحد طُرقِه هذا الذي ذكره الترمذي.

وفي أخرى للبخاري ومسلم قال: قال عبد اللهِ: خمسٌ قد مَضَيْنَ: ⦗٣٥١⦘ الدخانُ، واللِّزامُ، والرومُ، والبطشةُ، والقمرُ (٥) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]

(بسبع كسبع) أراد بالسبع: سبع سنين التي كانت في زمن النبي يوسف عليه السلام المجدبة التي ذكرها الله تعالى في القرآن.

(حصت) حلقت واستأصلت.

(قحط) القحط: احتباس المطر.

(جهده) الجهد - بفتح الجيم -: المشقة.

(الرفاهية) : الدعة وسعة العيش.


(١) هذه رواية مسلم، وللبخاري: سبعاً، قال الزركشي: والنصب هو المختار، لأن الموضع، موضع فعل دعاء، فالاسم الواقع فيه بدل من اللفظ بذلك الفعل، والتقدير: اللهم ابعث أو سلط، والرفع جائز على إضمار مبتدأ أو فعل رافع.
(٢) كذا بضم الهمزة على البناء للمجهول للجمهور، والآتي المذكور: هو أبو سفيان كما صرح به في الرواية المتقدمة.
(٣) إنما قال: لمضر، لأن غالبهم كانوا بالقرب من مياه الحجاز، وكان الدعاء بالقحط على قريش، وهم سكان مكة، فسرى القحط إلى من حولهم، فحسن أن يطلب الدعاء لهم، ولعل السائل عدل عن التعبير بقريش لئلا يذكرهم، فيذكر بجرمهم، فقال " لمضر ": ليندرجوا فيهم، ويشير أيضاً إلى أن المدعو عليهم قد هلكوا بجريرتهم، وقد وقع في الرواية الأخيرة " وإن قومك هلكوا " ولا منافاة بينهما، لأن مضر أيضاً قومه.
(٤) أي: أتأمرني أن أستسقي الله لمضر، مع ما هم عليه من المعصية والإشراك به؟ !
(٥) البخاري ٨ / ٤٣٩ في تفسير حم الدخان، باب {فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين} ، وفي الاستسقاء، باب دعاء النبي صلى الله عليه وسلم " اجعلها عليهم سنين كسني يوسف "، وباب إذا استشفع المشركون بالمسلمين عند القحط، وفي تفسير سورة يوسف، باب {وروادته التي هو في بيتها عن نفسه} ، وفي تفسير سورة الروم، وفي تفسير سورة ص، ومسلم رقم (٢٧٩٨) في صفات المنافقين، باب الدخان، والترمذي رقم (٣٢٥١) في التفسير، باب ومن سورة الدخان.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح:
١-أخرجه الحميدي (١١٦) قال: حدثنا سفيان. و «أحمد» (١/٣٨٠) (٣٦١٣) قال: حدثنا أبو معاوية. وفي (١/٤٣١) (٤١٠٤) قال: حدثنا وكيع، وابن نمير. و «البخاري» (٦/٩٦) قال: حدثنا الحميدي، قال: حدثنا سفيان. وفي (٦/١٥٦) قال: حدثنا قتيبة بن سعيد، قال: حدثنا جرير. وفي (٦/١٦٤) قال: حدثنا يحيى، قال: حدثنا أبو معاوية. وفي (٦/١٦٤) قال: حدثنا يحيى، قال: حدثنا وكيع. وفي (٦/١٦٥) قال: حدثنا سليمان بن حرب، قال: حدثنا جرير بن حازم. و «مسلم» (٨/١٣١) قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا أبو معاوية، ووكيع (ح) وحدثني أبو سعيد الأشج، قال: أخبرنا وكيع (ح) وحدثنا عثمان بن أبي شيبة، قال: حدثنا جرير (ح) وحدثنا يحيى بن يحيى، وأبو كريب، قالا: حدثنا أبو معاوية. و «النسائى» في الكبرى (تحفة الأشراف) (٩٥٧٤) عن أبي كريب، عن أبي معاوية. ستتهم -سفيان، وأبو معاوية، ووكيع، وعبد الله بن نمير، وجرير بن عبد الحميد، وجرير بن حازم - عن الأعمش.
٢- وأخرجه أحمد (١/٤٤١) (٤٢٠٦) قال: حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا شعبة. و «البخاري» (٢/٣٧ ٦، /١٤٢) قال: حدثنا محمد بن كثير، قال: حدثنا سفيان. وفي (٦/١٦٥) قال: حدثنا بشر ابن خالد، قال: أخبرنا محمد، عن شعبة. «والترمذي» (٣٢٥٤) قال: حدثنا محمود بن غيلان، قال: حدثنا عبد الملك بن إبراهيم، قال: حدثنا شعبة و «النسائي» في الكبرى (تحفة الأشراف) (٩٥٧٤) عن بشر بن خالد، عن محمد بن جعفر، عن شعبة. (ح) وعن محمود بن غيلان، وعن النضر بن شميل، عن شعبة كلاهما -شعبة، وسفيان- عن منصور، والأعمش.
٣- وأخرجه البخاري (٢/٣٣) قال: حدثنا عثمان بن أبي شيبة. و «مسلم» (٨/١٣٠) قال: حدثنا إسحاق إبراهيم. كلاهما - عثمان، وإسحاق - عن جرير، عن منصور.
كلاهما -الأعمش، ومنصور- عن مسلم بن صبيح أبي الضحى، عن مسروق، فذكره.
(*) الروايات مطولة ومختصرة ويزيد بعضهم على بعض.
* جاء مختصرا من قول عبد الله بن مسعود على: «خمس قد مضين الدخان، واللزام، الروم، والبطشة والقمر» أخرجه البخاري (٦/١٣٩) قال: حدثنا عمر بن حفص بن غياث، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا الأعمش. وفي (٦/١٦٤) قال: حدثنا عبدان، عن أبي حمزة، عن الأعمش. وفي (٦/١٦٦) قال: حدثنا يحيى، قال: حدثنا وكيع، عن الأعمش. و «مسلم» (٨/١٣٢) قال: حدثنا قتيبة بن سعيد، قال: حدثنا جرير، عن الأعمش. (ح) وحدثنا أبو سعيد الأشج، قال: حدثنا وكيع، قال: حدثنا الأعمش. و «النسائي» في الكبرى (تحفة الأشراف) (٩٥٧٦) عن قتيبة، عن عمرو بن محمد، عن سفيان، عن منصور. (ح) وعن شعيب بن يوسف، عن يحيى بن سعيد، عن فطر بن خليفة.
ثلاثتهم -الأعمش، ومنصور، وفطر - عن مسلم بن أبي الضحى، عن مسروق عن عبد الله، فذكره موقوفا.

<<  <  ج: ص:  >  >>