للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[كراهية الصور والستور]

٢٩٦٢ - (خ م ت د س) عائشة - رضي الله عنها -: قالت: «قَدِمَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- من سفرٍ، وقد عَلَّقْتُ دُرْنُوكاً فيه تماثيل، فأَمرني أَن أَنْزِعَهُ، فنزعتُه، وكنت أغتسل أَنا والنبيُّ - صلى الله عليه وسلم- من إِناءٍ واحدٍ» . هذا لفظ البخاري.

وفي أخرى، قالت: «قدم رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- من سَفرٍ، وقد سترت على بابي ⦗٨٠٤⦘ دُرنُوكاً، فيه الخيلُ ذَوَاتُ الأجنِحَة، فأمرني فنزعتُه» . وفي أخرى نحوه، وليس فيه: «قدِم من سفر» . وليس عند مسلم في هذا الحديث ذِكْر اغتسالها معه- صلى الله عليه وسلم- من إِناءٍ واحد.

ولمسلم قالت: «كان لنا سِتْرٌ فيه تمثالُ طائر، وكان الداخل إِذا دخل استقبله، فقال لي رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم-: حَوِّلِي هذا، فإِني كلما دخلتُ فرأَيتُهُ ذكرْتُ الدنيا. قالت: وكان لنا قطيفةٌ كُنَّا نقول: عَلَمُهَا حَرِيرٌ، وكُنَّا نَلْبَسُها» . قال ابن المثنى: وزاد فيه عبد الأعلى: «فلم يأْمُرنا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- بقَطْعه» .

ولمسلم أيضاً من حديث زيد بن خالد الجهني عن أَبي طلحة الأنصاري: أَنَّ رسولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قال: «لا تدخل الملائكة بيتاً فيه كلب ولا تماثيل، قال: فأتيت عائشة، فقلت: إن هذا يخبِرُني: أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم- قال: لا تدخلُ الملائكةُ بيتاً فيه كلبٌ ولا تماثيلُ، فهل سمعتِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ذكر ذلك؟ فقالت: لا، ولكن سأُحدِّثكم ما رأَيته فعل: رأَيته خرج في غَزاة، فأخذت نَمَطاً، فلما قدم فرأى النمط عرفتُ الكراهية في وجهه، فجذبه حتى هتكه - أو قطعه - وقال: إِن الله لم يأمرنا أَن نَكْسُوَ الحجارة والطين، قالت: فقطَعْنا منه وِسَادتين، وحشوتُهما لِيفاً، فلم يَعِبْ ذلك عليَّ» . وقد أَخرج منه البخاري ما لأبي طلحة فقط، ولم يُخَرِّج حديث عائشة. ⦗٨٠٥⦘

وأخرجه الترمذي، قالت: «كان لنا قِرَامُ سِتْرٍ، فيه تماثيل على بابي، فرآه رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم-، فقال: انْزِعيه، فإنه يُذَكِّرُني الدنيا، قالت: وكان لنا سَمَلُ قطيفةٍ، نقول: عَلَمُها حرير، كنا نَلْبَسُها» .

وأخرج النسائي رواية مسلم التي فيها ذِكْر الطائر، وله في أخرى، قالت: «كان في بيتي ثوبٌ فيه تصاوير، فجعلته إلى سهوة في البيت، فكان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- يُصَلِّي إِليه، ثم قال: يا عائشة، أَخِّرِيه عنِّي، فنزعته، فجعلته وِسادة» .

وله في أخرى قالت: «خرج رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- خَرْجَة، ثم دخل، وقد علَّقتُ قِرَاماً فيه الخيلُ أُولاتُ الأجنحة، فلما رآه، قال: انزعيه» .

وأخرج أبو داود رواية مسلم التي في أَولها حديث أبي طلحة الأنصاريِّ، إلى قوله: «ما رأيته فعل، ثم قالت: خرج رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- في بعض مغازيه، وكنت أَتَحَيَّنُ قُفُوله، فأخذت نَمَطاً كان لنا، فسترته على العَرْض، فلما جاء استقبلتُه، فقلت: السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته، الحمد لله الذي أَعَزَّكَ وأَكرمك، فنظر إلى البيت فرأَى النَّمَطَ، فلم يردَّ عليَّ شيئاً، ورأيتُ الكراهية في وجهه، فأتى النمط حتى هتكه، ثم قال: إن الله لم يأمرنا فيما رزقنا أن نكسوَ الحجارة واللَّبِنَ، قالت: فقطعته، فجعلته وِسادَتين، ⦗٨٠٦⦘ وحشَوتُهما ليفاً، فلم يُنكِر ذلك عليَّ» (١) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]

(دُرنُوكاً) : الدرنوك: ضرب من البسط ذو خمل.

(نَمطاً) : النمط: ضرب من البسط معروف.

(هتكه) : أي: خرقه وقطعه.

(سَمَل) : السَّمَل: الخَلَق من الثياب، وما كان في معناها من ستر أو كساء أو نحو ذلك.

(أتحيَّن) : تحيَّنت كذا، أي: انتظرت حينه، وهو وقت كونه.

(العَرْض) : الذي قرأته في كتاب «سنن أبي داود» ، وهي الرواية «العرض» بالضاد المعجمة، والذي شرحه الخطابي في «معالم السنن» و «غريب الحديث» له، هذا لفظه: قال: في «معالم السنن» العرص: هو الخشبة المعترضة يُسَقَّفُ بها البيت، ثم توضع عليها أطراف الخشب الصغار، يقال: عرَّصت البيت تعريصاً (٢) . هكذا ذكره الخطابي، ولم يُقيد اللفظة أنها بالضاد المعجمة ⦗٨٠٧⦘ أو [الصاد] المهملة. حتى نكون منه على يقين. وقال في كتاب «الغريب» له: «فهتك العرص» وقال: قال الراوي: «العرض» وهو غلط، والصواب «العرص» وذكر نحو ما ذكر في «المعالم» » وقال: ومجر البيت هو العرص، بعينه، وهو الذي يقال له: الجائز، وهو حامل البيت، وأراه مشبَّهاً بالمجرة لاعتراضها في السماء، وإنما عنت عائشة بهتك العرص: هتك سماوة البيت، [التي] كانت غطت بها وجه العرص هذا قوله في كتاب الغريب، ولم يقيده أيضاً، إلا أن غرضه بالصاد المهملة: يدل عليه ما ذكره الهروي في كتابه من العين والراء والصاد المهملة. قال: «العرص» خشبة توضع على البيت عرضاً إذا أرادوا تسقيفه، ثم يلقى عليه أطراف الخشب الصغار، يقال: عرصت البيت تعريصاً. قال: والمحدثون يروونه بالضاد المعجمة، وهو بالصاد والسين. قال: وجاء به أبو عبيد بالسين، وهذا القول من الهروي يدل على أن الذي أراد الخطابي: الصاد المهملة، لأن تفسيره مثل الهروي، والذي ذكره الأزهري في كتابه مثل ما ذكره الهروي. عنه أخذه، لأنه صاحبه، وقال الزمخشري: العرص: الجائز الذي يوضع عليه أطراف العوارض، والجائز: هو الخشبة التي تعمل معترضة في البيت، قال: وقد روي بالضاد المعجمة، قيل: لأنه يوضع على البيت عرضاً. وأما الجوهري فلم يذكره في «عرض، ولا عرص» إنما قال في «عرس» : والعَرَس - بالفتح ⦗٨٠٨⦘ حائط يجعل بين حائطي البيت الشتوي، لا يبلغ أقصاه، ثم يسقَّف، ليكون البيت أدفأ، وإنما يفعل ذلك في البلاد الباردة، ويسمى بالفارسية: تِيجَة، ويقال: بيت معرَّس. قال: وقال أبو عبيد في تفسيره شيئاً غير هذا، لم يرتضه أبو الغوث وهذا إن كان أراد المذكور في الحديث، فيكون قد أُبدِلَت السين صاداً. والله أعلم.


(١) رواه البخاري ١٠ / ٣٢٥ و ٣٢٦ في اللباس، باب ما وطئ من التصاوير، وفي المظالم، باب هل تكسر الدنان التي فيها الخمر، وفي الأدب، باب ما يجوز من الغضب والشدة لأمر الله، ومسلم رقم (٢١٠٧) في اللباس، باب تحريم تصوير صورة الحيوان، والترمذي رقم (٢٤٧٠) في صفة يوم القيامة، باب رقم (٣٣) ، وأبو داود رقم (٤١٥٣) في اللباس، باب في الصور، والنسائي ٨ / ٢١٣ في الزينة، باب التصاوير.
(٢) في الأصل: عرضت البيت تعريضاً.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه أحمد (٦/٢٠٨) قال: حدثنا وكيع. وفي (٦/٢٢٩) قال: حدثنا أبو معاوية. وفي (٦/٢٨١) قال: حدثنا عامر بن صالح. و «البخاري» (٧/٢١٦) قال: حدثنا مسدد، قال: حدثنا عبد الله بن داود. و «مسلم» (٦/١٥٨) قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب، قالا: حدثنا أبو أسامة. (ح) وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا عبدة، وحدثناه أبو كريب، قال: حدثنا وكيع. والنسائي (٨/٢١٣) قال: أخبرنا إسحاق بن إبراهيم. قال: حدثنا أبو معاوية.
ستتهم - وكيع، وأبو معاوية الضرير، وعامر بن صالح، وعبد الله بن داود الخريبي، وأبو أسامة حماد ابن أسامة، وعبدة بن سليمان - عن هشام بن عروه عن أبيه، فذكره.

<<  <  ج: ص:  >  >>