للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[الكتاب السادس: في القسامة]

٧٨٠٩ - (خ س) عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - قال: «إنَّ أوَّلَ قَسَامَة كانت في الجاهلية: لَفَينا بني هاشم، كان رجل من بني هاشم استأْجرَه رجل من قريش من فَخِذ أخرى، فانطلق معه في إبِلِهِ، فمَرَّ به رجل من بني هاشم، قد انْقَطَعَتْ عُرْوَةُ جَوَالِقِهِ، فقال: أغِثْني بعِقال أشُدُّ به عروةَ جَوَالِقي، لا تَنفِر الإبل، فأعطاه عِقَالاً، فَشَدَّ به عُروةَ جَوالِقِه، فلما نزلوا عُقِلَتْ الإبل إلا بَعيِراً واحداً، فقال الذي استأْجره: ما بال (١) هذا البعير لم يُعْقَلْ من بين الإبل؟ قال: ليس له عِقَال، قال: فأين عِقاله؟ [قال:] فحذفه ⦗٢٧٨⦘ بعَصا كان فيها أجلُهُ، فمرَّ به رجل من أهل اليمن، فقال: أتشهدُ الموسم؟ قال: ما أشهدُ، وربما شهدتُهُ، قال: هل أنت مُبَلِّغ عني رسالة مرة من الدهر؟ قال: نعم، قال: فإِذا شهدتَ الموسم فنادِ: يا آل قريش، فإِذا أجابوك، فنادِ: يا آل بني هاشم، فإِن أجابوك، فَسَلْ عن أبي طالب، فأَخبره أن فلاناً قتلني في عِقَال، ومات المستأجَر، فلما قَدِمَ الذي استأْجره، أتاه أبو طالب، فقال: ما فعل صاحبنا؟ قال: مَرِضَ، فأحسنْتُ القيام عليه وَوَليتُ دفْنَه، قال: قد كان أهلُ ذاك منك، فمكث حيناً، ثم إن الرجل الذي أوْصَى إليه أن يبلِّغ عنه وافَى الموسمَ، فقال: يا آل قريش، قالوا: هذه قريش، قال: يا آل بني هاشم، قالوا: هذه بنو هاشم، قال: أين أبو طالب؟ قالوا: هذا أبو طالب، قال: أمرني فلان أن أبَلِّغَكَ رسالة: أنَّ فلاناً قتله في عِقَال، فأتاه أبو طالب، فقال: اخْتَرْ مِنَّا إِحدى ثلاث: إن شئتَ أن تؤدِّيَ مائة من الإِبل، فإنك قتلتَ صاحبنا، وإنْ شئتَ حَلَفَ خمسون من قومكَ أنَّكَ لم تقتُلْهُ، فإن أبَيْتَ قتلناك به، فأتى قومَهُ فأخبرهم، فقالوا: نحلفُ، فأتته امرأة من بني هاشم - كانت تحت رجل منهم قد وَلَدَتْ منه - فقالتْ: يا أبا طالب، أُحِبُّ أن تجير ابني هذا برجل من الخمسين، ولا تَصْبُرْ يمينَه حيث تُصْبَرُ الأيمان، ففعل، فأتاه رجل منهم، فقال: يا أبا طالب، أردتَ منا خمسين رجلاً أن يحلفوا مكان مائة من الإبل، يصيب كلِّ رجل منهم بعيران، هذان بعيران، فاقبلهما ⦗٢٧٩⦘ مِني، ولا تَصْبُرْ يميني حيث تُصبرَ الأيمان، فقبلهما، وجاء ثمانية وأربعون فحلفوا» .

قال ابن عباس: «فوالذي نفسي بيده، ما حال الحول، ومن الثمانية وأربعين عين تَطْرِفُ» أخرجه البخاري والنسائي (٢) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]

(القَسَامة) : الأيمان يقسم بها أولياء الدم على استحقاقهم دم صاحبهم، أو يقسم بها المتَّهمون على نفي القتل عنهم، وهي مصدر، يقال: أقسم يقسم قَسماً وقسامة: إذا حلف.

(فَخِذ) الفخذ: دون القبيلة.

(الموسم) : أراد به وقت الحج واجتماع الناس له.

(تجير ابني) قول المرأة: تجير ابني - بالراء غير المعجمة - معناه: أن تجيره باليمين، أي: يُؤمِّنه منها، فإن كان بالزاي المعجمة - فمعناه: الإذن، أي: يأذن له في ترك اليمين، والمجيز: هو الذي يقوم بأمر اليتيم.

(تصبر يمنه) يمين الصبر: هي التي يلزمها المأمور بها ويُكره عليها، ويحكم عليه بها.


(١) وفي نسخ البخاري المطبوعة: ما شأن.
(٢) رواه البخاري ٧ / ١١٨ و ١١٩ في فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، باب أيام الجاهلية، والنسائي ٨ / ٢ - ٤ في القسامة، باب ذكر القسامة التي كانت في الجاهلية.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه البخاري في أيام الجاهلية المناقب (٨٧: ١) عن أبي معمر، عن عبد الوارث، عن قطن أبي الهيثم، عن أبي يزيد، عن عكرمة، عن ابن عباس، والنسائي في القسامة والقود والديات ١) عن محمد بن يحيى، عن أبي معمر نحوه..

<<  <  ج: ص:  >  >>