للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[الفرع الثاني: في أهل الكتاب]

١٨٥٣ - (خ م ط ت د) عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: «إنَّ اليَهُودَ جَاؤوا إلى رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم-، فَذَكَروا له أَنَّ امْرأة منهم ورجلاً زَنَيا، فقال لهم رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: ما تَجدُون في التَّوراة في شَأْنِ الرَّجمِ؟ فقالوا: نَفضحُهمْ ويُجلَدونَ، قال عبد الله بن سَلامٍ: كَذَبتُمْ إنَّ ⦗٥٤٢⦘ فيها الرَّجمَ، فأتَوا بالتوراةِ فَنشرُوها، فَوضَعَ أحَدُهُمْ يَدَهُ على آيَةِ الرَّجمْ، فَقْرَأ ما قَبْلها وما بَعْدهَا، فقال له عبد الله بن سَلامٍ: ارْفَعْ يَدَكَ، فَرَفَعَ يَدَهُ، فإذا فيها آيةُ الرجمِ، فقالوا: صَدَقَ يا محمدُ، فيها آيةُ الرَّجْمِ، فأمَرَ بهما النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- فَرُجِما، قال: فرأيتُ الرَّجُلَ يُجْنِىءُ على المرأةِ يَقِيها الحجارةَ» .

وفي رواية قال: «أُتيَ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- برجلٍ وامرأةٍ من اليهود، وقد زَنَيا، فقال لليهود: ما تَصْنَعُونَ بِهما؟ قالوا: نُسَخِّمُ وُجوههَما ونُخزِيهما، قال: فائتوا بالتوراةِ فَاتْلُوها إنْ كُنتم صادقينَ، فَجَاؤوا بها، فقالوا لِرَجلٍ مِمَّنْ يَرْضونَ أَعْورَ: اقْرأ، فَقَرَأ حتى انتهى إلى مَوضعٍ منها، فَوضَعَ يَدَهُ عليه، قال: ارْفَع يَدَكَ، فَرَفَعَ فإذا آيَةُ الرَّجمِ تَلُوحُ، فقال: يا محمدُ، إنَّ فيها آيةَ الرَّجم، ولَكِنَّا نَتَكاتَمُهُ بَيْنَنَا، فأَمَرَ بِهما فَرُجمَا، فرأَيتُهُ يُجانىءُ» .

وفي أخرى: «أنَّ اليَهُودَ جَاؤوا إلى النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- برجلٍ وامرأةٍ زَنَيا، فَرُجِما قَريباً من مَوضِعَ الْجَنائِزِ، قُربَ المسجدِ» . هذه روايات البخاري ومسلم.

وفي أخرى للبخاري نحوه وفيه: «إنَّ أحبارنَا أحْدَثُوا تَحْميمَ الْوَجهِ والتجْبيه - وذكر الحديثَ كما سبق - قال ابن عمر: فَرُجما عند البلاطِ فرأيتُ اليَهُوديَّ أجْنأَ عليها» . ⦗٥٤٣⦘

وفي أخرى لمسلم نحوه، وفيه: «فَانْطلَقَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- حتى جَاء يَهُودَ، فقال: مَا تَجدُونَ في التوراةِ على مَنْ زَنَى؟ قالوا: نُسَوِّدُ وجوههما ونُحمِّمُها (١) ، ونُخَاَلِفُ بيْنَ وجُوههما، ويُطَافُ بِهِما - وذكر الحديثَ كما سبق - قال ابن عمر: كنتُ فِيمنْ رَجَمهُما، فلقد رَأيتُهُ يقيها الحجارة بنَفْسِهِ» .

وأخرج الموطأ وأبو داود الروايةَ الأولى.

واختصره الترمذي فقال «إنَّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- رَجَمَ يَهُودياً ويَهُوديَة وقال: وفي الحديث قِصَّةٌ ولم يَذْكُرها» .

وفي أخرى لأبي داود قال: «أتى نَفرٌ من اليهود فدَعوْا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى القُفِّ، فَأتَاهُمْ في بَيْتِ المِدْرَاسِ، فقالوا: يا أبا القاسِم إنَّ رجلاً منا زَنى بامرأةٍ، فَاحْكم بينهم، فَوَضَعُوا لرسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- وِسَادة، فَجَلسَ ⦗٥٤٤⦘ عليها، ثم قال: ائتوني بالتوراةِ، فأُتيَ بها، فَنَزَعَ الْوِسَادَةَ من تَحتهِ ووضَع التَّورَاةَ عليها، وقال: آمَنتُ بِك وبِمَنْ أنْزَلَكِ، ثم قال: ائْتُوني بأعْلمِكُم، فَأُتيَ بفَتىً شَابٍّ» .

ثم ذَكَرَ قصةَ الرجم نحو حديث مالك عن نافع - يعني: الروايةَ الأولى (٢) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]

(يُجنئ) : أجنأ عليه يُجنئ: إذ اأكبّ عليه يقيه بنفسه شيئاً يؤذيه، وجانأ عليه يُجانئ: فاعل يُفاعل منه، ورأيت في «معالم السنن» للخطابي - في معنى هذا الحديث عند الفراغ من متنه - ما هذا حكايته، قال: قلت: هكذا ⦗٥٤٥⦘ قال: يَحْنأ، والمحفوظ: إنما يَجْنأ، أي: يُكِبُّ عليها، يقال: جنأ الرجل يَجنأ جُنوءاً: إذا أكب على الشيء، قال كثير:

أغاضر لو شهدت غداة بِنتُم ... جُنُوء العائدات على وِسَادي

فهذا القول من الخطابي يدل على أن اللفظة بالحاء غير المعجمة، ولعل رواية أبي داود كذا (٣) ، فأما رواية الباقين، فإنما هي الجيم، وقد ذكرنا معناها، والله أعلم.

(المِدْراس) : موضع الدرس والقراءة.

(القُف) : اسم واد من أودية المدينة، قال أبو الهيثم: فيحتمل أن يكون المراد بقوله: «فدعوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى القُفّ» : ذلك الوادي المسمى بالقُفّ. والله أعلم.


(١) وفي نسخ مسلم المطبوعة: نحملهما. قال النووي في " شرح مسلم ": هكذا هو في أكثر النسخ بالحاء واللام، وفي بعض النسخ " نجملهما " بالجيم المفتوحة، وفي بعضها " نحممهما " بالحاء وميمين، وكله متقارب، فمعنى الأول: نحملهما على جمل، ومعنى الثاني: نجعلهما جميعاً على الجمل، ومعنى الثالث: نسود وجوههما بالحممة - بضم الحاء وفتح الميم - وهو الفحم، وهذا الثالث ضعيف؛ لأنه قال قبله: نسود وجوههما، فإن قيل: كيف رجم اليهوديان: بالبينة أم بالإقرار؟ قلنا: الظاهر أنه بالإقرار، وقد جاء في سنن أبي داود وغيره " أنه شهد عليهما أربعة أنهم رأوا ذكره في فرجها "، فإن صح هذا، فإن كان الشهود مسلمين فظاهر، وإن كانوا كفاراً فلا اعتبار بشهادتهم، ويتعين أنهما أقرا بالزنى.
(٢) أخرجه البخاري ١٢ / ١٤٨ و ١٤٩ في المحاربين، باب أحكام أهل الذمة، وباب الرجم في البلاط، وفي الجنائز، باب الصلاة على الجنائز بالمصلى والمسجد، وفي الأنبياء، باب قول الله تعالى: {يعرفونه كما يعرفون أبناءهم} ، وفي تفسير سورة آل عمران، باب {قل فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين} ، وفي الاعتصام، باب ما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم وحض على اتفاق أهل العلم، وفي التوحيد، باب ما يجوز من تفسير التوراة وغيرها من كتب الله العربية وغيرها، ومسلم رقم (١٦٩٩) في الحدود، باب رجم اليهود أهل الذمة في الزنى، والموطأ ٢ / ٨١٩ في الحدود، باب ما جاء في الرجم، والترمذي رقم (١٤٣٦) في الحدود، باب ما جاء في رجم أهل الكتاب، وأبو داود رقم (٤٤٤٦) و (٤٤٤٩) في الحدود، باب في رجم اليهوديين، قال الحافظ في " الفتح " ما ملخصه: وفي هذا الحدث من الفوائد وجوب الحد على الكافر الذمي إذا زنى، وهو قول الجمهور، وفيه قبول شهادة أهل الذمة بعضهم على بعض، وفيه أن اليهود كانوا ينسبون إلى التوراة ما ليس فيها، وفيه اكتفاء الحاكم بترجمان واحد موثوق به. وانظر " الفتح " ١٢ / ١٥١ - ١٥٣ في المحاربين، باب أحكام أهل الذمة.
(٣) رواية أبي داود والموطأ وبعض نسخ البخاري: يحنى، بفتح الياء، وسكون الحاء المهملة، وكسر النون، أي: يميل، والراجح.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه مالك (الموطأ) ٥١٢. و «الحميدي» ٦٩٦ قال: حدثنا سفيان. قال: حدثنا أيوب. و «أحمد» ٢/٧ (٤٥٢٩) و٢/٦٣ (٥٣٠٠) قال: حدثنا عبد الرحمان، عن مالك. وفي ٢/٥ (٤٤٩٨) قال: حدثنا إسماعيل، قال: حدثنا أيوب. وفي ٢/١٧ (٤٦٦٦) قال: حدثنا يحيى، عن عبيد الله، وفي ٢/٦١ (٥٢٧٦) قال: حدثنا عبد الرحمان، عن سفيان، عن عبد الكريم، وفي ٢/٧٦ (٥٤٥٩) قال: حدثنا إسحاق بن سليمان، قال: أخبرنا مالك. وفي٢/١٢٦ (٦٠٩٤) قال: حدثنا علي بن هاشم بن البريد، عن ابن أبي ليلى. والدارمي (٢٣٢٦) قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله، قال: حدثنا زهير، قال: حدثنا موسى بن عقبة. والبخاري (٢/١١١) و (٦/٤٦) و (٩/١٢٩) قال: حدثنا إبراهيم بن المنذر، قال: حدثنا أبو ضمرة، قال: حدثنا موسى بن عقبة. وفي (٤/٢٥١) قال: حدثنا عبد الله بن يوسف، قال: أخبرنا مالك بن أنس. وفي (٨/٢١٣ و ٢١٤) قال: حدثنا إسماعيل بن عبد الله، قال: حدثني مالك. وفي (٩/١٩٣) قال: حدثنا مسدد، قال: حدثناإسماعيل، عن أيوب. ومسلم (٥/١٢١) قال: حدثني الحكم بن موسى أبو صالح، قال: حدثنا شعيب بن إسحاق، قال: أخبرنا عبيد الله. وفي (٥/١٢٢) قال: حدثنا زهير بن حرب. قال: حدثنا إسماعيل «يعني ابن علية» ، عن أيوب (ح) وحدثني أبو الطاهر، قال: أخبرنا عبد الله بن وهب، قال: أخبرني رجال من أهل العلم منهم مالك بن أنس. (ح) وحدثنا أحمد بن يونس، قال: حدثنا زهير، قال: حدثنا موسى بن عقبة. وأبو داود (٤٤٤٦) قال: حدثني عبد الله بن مسلمة، قال: قرأت على مالك بن أنس. وابن ماجة (٢٥٥٦) قال: حدثنا علي بن محمد، قال: حدثنا عبد الله بن نمير، عن عبيد الله بن عمر. والترمذي (١٤٣٦) قال: حدثنا إسحاق بن موسى الأنصاري، قال: حدثنا معن، قال: حدثنا مالك بن أنس. وعبد الله بن أحمد (٥/٩٦) قال: حدثني عثمان بن محمدبن أبي شيبة، قال: حدثنا شريك بن عبد الله، عن ابن أبي ليلى. والنسائي في الكبرى «الورقة ٩٤ ب» قال: أخبرني زياد بن أيوب دَلُّويه، قال: حدثناا بن علية، عن أيوب. (ح) وأخبرنا يحيى بن حبيب بن عربي من كتابه، قال: حدثنا يزيد بن زريع، قال: حدثنا شعبة. عن أيوب. (ح) وأخبرنا محمد بن معدان بن عيسى، قال: حدثنا الحسن بن أعين، قال: حدثنا زهير، قال: حدثنا موسى. (ح) وأخبرنا محمد بن بشار، قال: حدثنا عبد الرحمن، قال: حدثنا سفيان، عن عبد الكريم الجزري، وفيه «الورقة ٩٦ ب» قال: أخبرنا قتيبة بن سعيد، عن مالك.
ستتهم -مالك، وأيوب، وعبيد الله، وعبد الكريم، وابن أبي ليلى، وموسى بن عقبة - عن نافع، فذكره.
الروايات مطولة ومختصرة، وألفاظها متقاربة.
ومنهم من اختصره: «رجم رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- يهوديا ويهوديّة» .
ورواه عن ابن عمر سالم:
أخرجه أحمد (٢/١٥١) (٦٣٨٥) قال: حدثنا عبد الرزاق، قال: حدثنا معمر، عن الزهري، عن سالم، فذكره.
- ورواه عن ابن عمر عبد الله بن دينار:
أخرجه البخاري (٨/٢٠٥) قال: حدثنا محمد بن عثمان بن كرامة، قال حدثنا خالد بن مخلد، عن سليمان، قال: حدثني عبد الله بن دينار، فذكره.
- ورواه عن ابن عمر زيد بن أسلم:
أخرجه أبو داود (٤٤٤٩) قال: حدثنا أحمد بن سعيد الهمداني، قال: حدثنا بن وهب، قال: حدثني هشام بن سعد، أن زيد بن أسلم حدثه، فذكره.
- ورواه عن ابن عمر يحيى بن وثاب:
أخرجه النسائي «الكبرى / الورقة ٩٤ ب» قال: أخبرني المغيرة بن عبد الرحمن الحراني، قال: حدثنا إسحاق بن عيسى، قال: أخبرنا شريك، وذكر آخر: محمد بن جابر، عن أبي إسحاق، عن يحيى بن وثاب، فذكره.

<<  <  ج: ص:  >  >>