للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الفرع الثاني: في الاقتداء، وشرائطه ولوازمه، وفيه أربعة أنواع

[النوع] الأول: في صفة الاقتداء بالإماء قائماً وقاعداً

٣٨٨١ - (م د س) حطان بن عبد الله الرَّقاشي: قال: صلَّيتُ مع أبي موسى الأشعري صلاة، فلما كان عند القعْدَةِ قال رجل من القوم: أُقِرَّتِ الصلاةُ بالبِرِّ والزَّكاةِ؟ قال: فلما قضى أبو موسى الصلاةَ وسلَّم، انصرف فقال: أيُّكم القائل كلمة كذا وكذا؟ قال: فأرَمَّ القومُ، ثم قال: أيُّكم القائل [كلمة] كذا وكذا؟ فأرَمَّ القوم، فقال: لعلَّكَ يا حِطَّانُ قلتَها؟ قال: ما قُلتُها، ولقد رَهِبتُ أن تَبكَعَني بها، فقال رجل من القوم: أنا قلتها، ولم أُرِدْ بها إلا الخيرَ، فقال أبو موسى: أما تعلَمون كيف تقولون في صلاتكم؟ إن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- خطبَنا فبيَّن لنا سُنّتنا، وعلَّمنا صلاتَنا، فقال: إذا صلَّيتُم فأقيموا صُفُوفكم، ثم ليؤمَّكم أحدُكم، فإذا كبّرَ فكبِّروا - وفي رواية: «فإذا قرأ فأنصتوا - وإذا قال: {غيرِ المغْضُوبِ عليهم ولا الضَّالين} فقولوا: آمين: يُجِبكُم الله، فإذا كبَّر وركع، فكبِّروا واركعوا، فإن الإمام يركعُ قبلَكم ويرْفعُ قبلكم: فقال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: فتلك بتلك، وإذا قال: سمع الله لمن حمِدَهُ، فقولوا: اللهم ربنا لك الحمد: يسمَع الله لكم، فإن ⦗٦١٧⦘ الله تباركَ وتعالى قال لسان على لسنة نبيَّه (١) - صلى الله عليه وسلم-: سمع الله لمن حمده، وإذا كبَّر وسجد، فكبِّروا واسجدوا، فإن الإمام يسجدُ قبلَكم ويرفعُ قبلَكم، فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم-: فتلك بتلك، وإذا كان عند القَعْدةِ فليكن من أوَّلِ قولِ أحدكم: التّحِيَّاتُ، الطيِّبات، الصلواتُ لله، السلام عليك أيُّها النبيُّ ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهدُ أن لا إله إلا الله، وأن محمداً عبده رسوله» . أخرجه مسلم، وأبو داود، إلا أن أبا داود قال: «وأشهد أن محمداً رسولُ الله» . قال: ولم يقل أحمد (٢) : «وبركاته» ولا قال: «وأشهد» وقال: «وأن محمداً» .

وفي رواية النسائي قال: صلَّى بنا أبو موسى، فلما كان في القَعْدَةِ دخلَ رجل من القوم، فقال: أُقِرِّتِ الصلاةُ بالبِرِّ والزَّكاةِ؟ فلما سلَّم أبو موسى أقبل على القوم، فقال: أيُّكم القائل هذه الكلمة؟ فأرَمَّ القوم، فقال: يا حِطَّان، لعلك قُلتَها؟ قلت: لا، وقد خشيتُ (٣) أن تبْكَعَني بها، فقال: إن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- كان يعلِّمنا صلاتَنا وسُنَّتنا، فقال: إنما الإمام ليُؤتَمَّ به، فإذا كبَّر فكبِّروا، وإذا قال: {غيرِ المغضوب عليهم ولا الضَّالين} فقولوا: آمين: يُجِبْكم الله، وإذا ركع فاركعوا، وإذا سجدَ فاسجدوا، وإذا رفع فارفعوا، فإن الإمام يسجدُ قبلكم، ويرفع قبلكم ⦗٦١٨⦘ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: «فتلك بتلك» وأخرج في موضع آخر من كتابه قال: «إن نبيَّ الله - صلى الله عليه وسلم- خطبنا فبين لنا سُنَّتنا، وعلَّمنا صلاتنا، فقال: إذا صلَّيتُمّ فأقيموا صُفُوفَكم، ثم ليؤمَّكم أحدُكم، فإذا كبَّر الإمام فكبِّروا، وإذا قرأ: {غيرِ المغضوبِ عليهم ولا الضالين} فقولوا: آمين، يُجبْكم الله، وإذا كبَّر وركع فكبَّروا واركعوا، فإن الإمام يَركَعُ قبلَكم، [ويرفعُ قبلكم] ، قال نبيُّ الله - صلى الله عليه وسلم-: فتلك بتلك، وإذا قال سمع الله لمن حمده ... » وذكر الحديث إلى آخره مثل مسلم، وقال في آخره سبع كلمات، «وهي: تحية الصلاة..» (٤) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]

(أُقِرَّت الصلاة بالبِرِّ والزَّكاة) : أُقِرَّت: أي جُعِلت: مستقرة، يعني أن الصلاة مقرونة بالزكاة في القرآن كلما ذُكِرَت الصلاة، فهي قَارَّة مع الزكاة أي: مجاورة لها.

(فأرَمَّ) : أرَمَّ القوم: إذا سكتوا.

(تبكَعَني) : بَكَعْتُه: إذا اسقبلته بما يكره من القول. ⦗٦١٩⦘

(فتلك بتلك) : قال الخطابي: هذا مردود إلى قوله: «وإذا قرأ {غَيْرِ المَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ ولا الضَّالين} فقالوا: آمين يُجبكم الله عز وجل» يريد: أن كلمة «آمين» يستجاب بها الدعاء الذي تضمنته السورة أو الآية كأنه قال فتلك الدعوة مضمَّنه تلك الكلمة، أو مُعلَّقة بها أو نحوه من الكلام، وقيل: معناه: أن يكون الكلام معطوفاً على ما يليه من الكلام، وهو قوله: «وإذا كبَّر وركع: فكبِّروا واركعوا» يريد: أن صلاتكم متعلِّقة بصلاة إمامكم فاتَّبعُوه، وائتموا به، ولا تختلفوا عليه، فتلك إنما تصح وتثبت بتلك، وكذلك الفصل الآخر، وهو قوله: «إذا قال: سمع الله لمن حمده - إلى أن قال: فتلك بتلك» يريد: أن الاستجابة مقرونة بتلك الدعوة وموصولة بها، فإن قول الإمام سمع الله لمن حمده» معناه: استجاب دُعَاء من حمده. وهو من الإمام دعاءٌ للمأموم، وإشارة إلى قوله: «ربَّنا ولك الحمد» فانتظمت الدعوتان إحداهما بالأخرى، فكان ذلك معنى قوله: «فتلك بتلك» والله أعلم.


(١) وفي رواية أخرى لمسلم: قضى على لسان نبيه.
(٢) يعني أحمد بن حنبل، وفي المطبوع: ولم يقل أحد، وهو تحريف.
(٣) في المطبوع: وحسبت، وهو تصحيف.
(٤) رواه مسلم رقم (٤٠٤) في الصلاة، باب التشهد في الصلاة، وأبو داود رقم (٩٧٢) و (٩٧٣) في الصلاة، باب التشهد، والنسائي ٢ / ٩٦ و ٩٧ في الإمامة، باب مبادرة الإمام و ٣ / ٤٢ في السهو، باب نوع آخر من التشهد.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: تقدم.

<<  <  ج: ص:  >  >>