للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[سورة الحجرات]

٨٠٩ - (خ س ت) عبد الله بن الزبير بن العوام - رضي الله عنهما -: قال: قَدِمَ رَكْبٌ من بني تَميمٍ على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال أَبو بكْرٍ: أَمِّر الْقَعْقَاعَ ْبنَ مَعْبَد بنِ زُرَارة، وقال عمر: أَمِّر الأقْرَعَ بنَ حابسٍ، فقال أبو بكرٍ: ما أَرَدْتَ إِلا خِلافي (١) ، وقال عمر: ما أردتُ خِلافَكَ، فَتَمارَيا، حتى ⦗٣٦١⦘ ارْتَفَعَتْ أصواتُهُما، فنزل في ذلك: {يا أيُّها الذين آمنوا لا تُقدِّمُوا بين يَدي اللَّه ورَسُولِه واتَّقُوا اللَّه إن اللَّه سميع عليم} [الحجرات: ١] .

وفي رواية: قال ابنُ أبي مُلَيْكَةَ: كادَ الْخَيِّرَان أنْ يَهْلكا: أَبُو بكرٍ، وعُمَرُ، لمَّا قَدم على النبي صلى الله عليه وسلم وفدُ بني تميم، أشَارَ أحَدُهُما بالأقْرَعِ بن حابِس الْحَنْظَلِيِّ، وأشار الآخر بغيره، ثم ذكره نحوه، ونزولَ الآية (٢) . ثم قال: قال ابن الزبير: فكان عمرُ بعدُ إذا حدَّثَ بحديثٍ حدَّثَهُ كأخي السِّرارِ، لم يُسْمِعْهُ حتى يسْتَفهِمَهُ.

وفي أخرى نحوه، وفيه قال ابن الزبير: فما كان عمر يُسْمِعُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم حتى يستفهمه، ولم يذكرْ ذلك عن أبيه، يعني: أبا بكرٍ الصِّديق. أخرجه البخاري، وأخرج النسائي الرواية الأولى.

وأخرجه الترمذي قال: إِنَّ الأقْرَعَ بنَ حابسٍ قَدِمَ على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال أبو بكرٍ: يا رسول الله، استعْمِلْهُ على قومه، فقال عمر: لا تستعْمِلْهُ ⦗٣٦٢⦘ يا رسول الله، فتكلَّما عند النبي صلى الله عليه وسلم، حتى علَتْ أصواتُهُما، فقال أبو بكرٍ لعُمر: ما أَرَدْتَ إِلا خِلافي، فقال: ما أردتُ خِلافَكَ، قال: فنزلت هذه الآية: {يا أيُّها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوقَ صوتِ النبي} [الحجرات: ٢] قال: فكان عمرُ بعد ذلك إذا تكلم عند النبي صلى الله عليه وسلم: لم يُسْمِعْ كلامَهُ، حتى يسْتَفْهِمَهُ. وما ذكرَ ابنُ الزُّبَيْرِ جدَّه: يعني أبا بكرٍ.

وقال الترمذي: وقد رواه بعضُهم عن ابن أبي مُلَيْكَةَ مرْسَلاً، ولم يذكر ابنَ الزبير (٣) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]

(فتماريا) التماري: المجادلة والمنازعة في الكلام.

(كأخي السِّرار) أي كلاماً كمثل المساررة بخفض صوته، والكاف، صفة لمصدر محذوف، والضمير في «يُسْمعه» راجع إلى الكاف، ولا يسمعه: منصوب المحل بمنزلة الكاف.


(١) ولأحمد " إنما أردت خلافي ".
(٢) الآية التي ذكرت في هذا الحديث هي {يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي} . قال الحافظ في " الفتح " ٨ / ٤٥٣: زاد وكيع كما سيأتي في " الاعتصام " إلى قوله " عظيم "، وفي رواية ابن جريج: فنزلت {يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله} إلى قوله {ولو أنهم صبروا} وقد استشكل ذلك، قال ابن عطية: الصحيح أن سبب نزول هذه الآية كلام جفاة الأعراب.
قلت - القائل ابن حجر -: لا يعارض ذلك هذا الحديث، فإن الذي يتعلق بقصة الشيخين في تخالفهما في التأمير في أول السورة {لا تقدموا} لكن لما اتصل بها قوله: {لا ترفعوا} تمسك عمر منها بخفض صوته، وجفاة الأعراب الذين نزلت فيهم هم من بني تميم، والذي يختص بهم قوله: {إن الذين ينادونك من وراء الحجرات} .
(٣) البخاري ٨ / ٤٥٢ - ٤٥٤ في تفسير سورة الحجرات، باب {لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي} ، وباب {إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون} ، وفي المغازي، باب وفد بني تميم، وفي الاعتصام، باب ما يكره من التعمق والتنازع في العلم، والترمذي رقم (٣٢٦٢) في التفسير، باب ومن سورة الحجرات، والنسائي ٦ / ٢٢٦ في القضاء، باب استعمال الشعراء.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح:
١-أخرجه أحمد (٤/٤) قال: حدثنا موسى بن داود. وفي (٤/٦) قال: حدثنا وكيع. و «البخاري» (٦/١٧١) قال: حدثنا بسرة بن صفوان بن جميل اللخمي. وفي (٩ /١٢٠) قال: حدثنا محمد بن مقاتل، قال أخبرنا وكيع. و «الترمذي» (٣٢٦٦) قال: حدثنا محمد بن المثنى، قال: حدثا مؤمل بن إسماعيل. أربعتهم - موسى، ووكيع، وبسرة، ومؤمل - عن نافع بن عمر الجمحي.
٢- وأخرجه البخارى (٥/٢١٣) قال: حدثني إبراهيم بن موسى، قال حدثني هشام بن يوسف. وفي (٦/١٧٢) قال: حدثنا الحسن بن محمد، قال حدثنا حجاج. و «النسائي» (٨/٢٢٦) قال: أخبرنا الحسن بن محمد، قال: حدثنا حجاج. كلاهما -هشام، وحجاج - عن ابن جريج.
كلاهما (نافع بن عمر، وابن جريج) عن ابن أبي مليكة (قال ابن جريج: أخبرني ابن أبي مليكة) فذكره.

<<  <  ج: ص:  >  >>