للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[الفصل السادس: في أحكام تتعلق بالديات]

٢٥١٨ - (د) زياد بن سعد بن ضميرة بن سعد السلمي - رحمه الله -: عن أبيه وجده - وكانا شَهِدا مع رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- حُنَيناً -: «أَنَّ مُحَلِّمَ بن جَثَّامة قتل رجلاً من أشجَعَ في الإِسلام، وذلك أَوّلُ غِيَرٍ قضى به رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- فتكلم عُيَينَةُ [بن حِصْن] في قتل الأشجعي؛ لأنه من غَطَفَان، وتكلم الأقرع بن حابس دون محلِّم؛ لأنه من خِندف، فارتفعت الأصوات، وكثرت الخصومة واللغَط، فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم-: يا عيينة، أَلا تقبل الغِيرَ؟ قال عيينة: لا والله، حتى أُدخِل على نسائه من الحرَب والحزن ما أدخل على نسائي، قال: ثم ارتفعت الأصوات، وكثرت الخصومة واللغط، فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم-: يا عيينة، أَلا تقبل الغِيرَ؟ فقال عيينة مثل ذلك، إلى أَن قام رجل من بني لَيْثٍ، يقال له: مُكَيتل، عليه شِكَّةٌ، وفي يده دَرِقَةٌ (١) ، فقال: يا رسول الله، إني لم أجد لما فعل هذا في غُرَّة الإسلام مَثلاً إلا غنماً وردت، فَرُميَ أولها فنفَر آخرَها، اسْنُنِ اليوم وغَيِّرْ غداً، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: بل نعطيكم خمسين من الإِبل في فَوْرِنَا هذا، وخمسين إذا رجعنا إلى المدينة، ⦗٤٤١⦘ وذلك في بعض أسفاره، ومحلِّم رجل طويل آدَمُ، وهو في طرَف الناس، فلم يزالوا حتى تَخَلَّصَ، فجلس بين يدي رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم-، وعيناه تدمعان، فقال: يا رسول الله، إني قد فعلت الذي فعلتُ، وإني أَتوب إلى الله - عز وجل -، فاستغفر لي يا رسول الله. فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم-: أَقتلته بسلاحك في غُرَّة الإسلام؟ اللهم لا تغفر لمحلِّم بصوت عالٍ» . زاد في رواية: «فقام وإنه لَيَتَلَقَّى دُموعَهُ بطرف ردائه» . قال ابن إسحاق: «فزعم قومه أَن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- استغفر له بعد ذلك» . أخرجه أَبو داود (٢) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]

(غِيَر) : الغِيره: الدية، وجمعها غِيَر، مثل كسرة وكسر. وقيل: الغِيَر واحد، وجمعه أغيار، مثل ضلع وأضلاع.

(اللغط) : الضجة واختلاف الأصوات.

(الحرب) : نهب مال الإنسان وتركه لا شيء له، والحرب: الغضب. والمراد به في الاستعمال: الحزن والهم، فإن من أُخذ ماله وبقي لا شيء [له] فإنه يحزن ويهتم.

(شكة) : الشكة: السلاح. ⦗٤٤٢⦘

(غرة الإسلام) : أوله، وغرة كل شيء: أوله، أراد: أول الأمر الذي جاء النبي - صلى الله عليه وسلم- وحكم به.

(مُكيتل - اسنن اليوم وغيِّر غداً) : معنى قوله: مُكيتل: إن مثل محلم في قتله الرجل، وطلبه ألا يقتص منه وتؤخذ منه الدية، والوقت أول الإسلام وصدره، كمثل هذه الغنم، يعني: أنه إن جرى الأمر مع أولياء هذا القتيل على ما يريد محلم، ثبط الناس عن الدخول في الإسلام معرفتهم أن القود يغير بالدية، والعرب خصوصاً وهم الحِراص على درك الأثآر، وفيهم الأنفة من قبول الدية، ثم حث رسول الله - صلى الله عليه وسلم- على الإفادة منه بقوله: «اسنن اليوم وغيِّر غداً» يريد: أنه إن لم تقتص منه غيرت سنتك، ولكنه أخرج الكلام على الوجه الذي يهيج المخاطب، ويحثه على الإقدام، والجرأة على المطلوب منه.

(فورنا) : فور كل شيء: أوله.

(آدم) : رجل آدم: يضرب لونه إلى السواد من شدة سمرته.


(١) في المطبوع: ورقة، وهو خطأ.
(٢) رقم (٤٥٠٣) في الديات، باب الإمام يأمر بالعفو عن الدم، وفي سنده زياد بن سعد بن ضميرة الضمري السلمي، لم يوثقه غير ابن حبان، وقال الذهبي في " الميزان ": فيه جهالة.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
إسناده ضعيف: أخرجه أحمد (٦/١٠) قال: حدثنا يعقوب، قال: حدثنا أبي. وأبو داود (٤٥٠٣) قال: حدثنا موسى بن إسماعيل، قال: حدثنا حماد. وابن ماجة (٢٦٢٥) قال: حدثنا أبو بكر ابن أبي شيبة، قال: حدثنا أبو خالد الأحمر. وعبد الله بن أحمد في زياداته على مسند أبيه المسند (٥/١١٢) قال: حدثنا أبو عثمان سعيد بن يحيى بن سعيد بن أبان بن سعيد بن العاص، قال: حدثني أبي.
أربعتهم - إبراهيم بن سعد، وحماد بن سلمة، وأبو خالد، ويحيى - عن محمد بن إسحاق، قال: حدثني محمد بن جعفر بن الزبير، أنه سمع زياد بن سعد ابن ضميرة يحدث عروة بن الزبير، عن أبيه وجده، فذكراه.
* أخرجه أبو داود (٤٥٠٣) قال: حدثنا وهب بن بيان، وأحمد بن سعيد الهمداني، قالا: حدثنا ابن وهب، قال: أخبرني عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن عبد الرحمن بن الحارث، عن محمد بن جعفر، أنه سمع زياد بن سعد بن ضميرة السلمي، يحدث عروة بن الزبير، عن أبيه فذكره.
* وقع الخلاف حول اسم (زياد بن سعد) ، ففي رواية إبراهيم بن سعد، سماه: (زياد بن ضميرة بن سعد) وفي رواية حماد: (زياد بن ضميرة الضمري) ، وفي رواية أبي خالد الأحمر: (زيد بن ضميرة) وقال المزي: كذا قال: وصوابه: (زياد بن سعد بن ضميرة) تحفة الأشراف (٣٨٢٤) . وفي رواية يحيى: (زياد بن ضمرة بن سعد) .
قلت: حسن الحافظ إسناده في ترجمة سعد بن ضميرة. الإصابة (٣/١٥٠) (٣١٦٢) وزياد بن سعد الراوي عنه ابنه، لم يوثقه غير ابن حبان، وقال الذهبي في ميزانه فيه جهالة.

<<  <  ج: ص:  >  >>