للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الباب الرابع: في الإسراء وما يتعلَّق به

٨٨٦٦ - (خ م ت س) قتادة بن دعامة عن أنس عن مالك بن صعصعة: أنَّ نبي الله - صلى الله عليه وسلم- حدثهم عن ليلة أُسْرِيَ به، قال: «بينما أنا في الحَطيم - وربما قال في الحِجْر - مضطجعاً - ومنهم من قال: بين النائم واليقظان - إِذ أتاني آت فَقدّ - قال: فسمعته يقول: فشقَّ (١) - ما بين هذه، فقلت للجارود (٢) ، وهو إلى جنبي: ما يعني به؟ قال: من ثُغْرة نحره إلى شِعْرَتِهِ، وسمعته يقول: مَن قَصِّه إِلى شِعْرَتِه، فاستخرج قلبي، ثم أُتيتُ بِطَسْت من ذهب مملوءة إيماناً، فَغُسِلَ قَلبي، ثم حُشِي، ثم أعيد، ثم أُتيت بدابَّة دون البغل وفوق الحمار، أبيض، فقال له الجارود: هو البراق يا أبا حمزة؟ فقال أنس: نعم، يَضَعُ خَطْوَهُ عند أقصى طَرْفِهِ، فَحُمِلْتُ عليه، فانطلق بي جبريل عليه السلام، حتى أتى السماء الدنيا، فاستفتح، فقيل: مَنْ هذا؟ قال: جبريل، قيل: ومن معك؟ قال: محمد، قيل: وقد أُرسل إليه؟ قال: نعم، قيل: مَرْحباً به، فلنعم المجيء جاء، [ففتح] ، فلما خَلَصتُ فإذا فيها آدم، فقال: [هذا] أبوك آدم، فسلِّمْ عليه، فسلمتُ عليه، فردّ السلام، وقال: ⦗٢٩٣⦘ مَرْحَباً بالابن الصالح، والنبي الصالح، ثم صَعِد حتى أتى السماء الثانية، فاستفتح، قيل: من هذا؟ قال: جبريل، قال: ومن معك؟ قال: محمد، قيل: وقد أُرسل إليه؟ قال: نعم، قيل: مرحباً به ونعم المجيء جاء، ففتح، فلما خلصتُ، فإذا يحيى وعيسى وهما ابنا خالة، قال: هذا يحيى وعيسى فسلّم عليهما، فسلّمت فردَّا، ثم قالا: مرحباً بالأخ الصالح، والنبي الصالح، ثم صَعِدَ بي إلى السماء الثالثة فاستفتح، فقيل: من هذا؟ قال: جبريل، قيل: ومن معك؟ قال: محمد، قيل: وقد أُرسل إليه؟ قال: نعم، قيل: مرحباً به، فنعم المجيء جاء، فلما خَلَصتُ، فإذا يوسف، قال: هذا يوسف فسلِّم عليه، فسلَّمتُ عليه فردَّ، ثم قال: مرحباً بالأخ الصالح، والنبي الصالح، ثم صَعِدَ بي حتى أتى السماء الرابعة، فاستفتح، قيل: من هذا؟ قال: جبريل، فقال: ومن معك؟ قال: محمد، قيل: وقد أرسل إليه؟ قال: نعم، قيل: مرحباً به فنعم المجيء جاء ففتح، فلما خَلَصت، فإذا إدريس، قال: هذا إدريس فسلِّم عليه، فسلَّمتُ عليه، فردَّ، ثم قال: مرحباً بالأخ الصالح والنبي الصالح، ثم صَعِدَ بي حتى أتى السماء الخامسة فاستفتح، قيل: من هذا؟ قال: جبريل، قيل: ومن معك؟ قال: محمد، قيل: وقد أرسل إليه؟ قال: نعم، قيل: مرحباً به فنعم المجيء جاء، فلما خلصتُ، فإذا هارون، قال: هذا هارون فسلِّمْ عليه، فسلَّمت عليه، فردَّ، ثم قال: مرحباً بالأخ الصالح والنبي ⦗٢٩٤⦘ الصالح، ثم صَعِد حتى أتى السماء السادسة فاستفتح، قيل: من هذا؟ قال: جبريل، قيل: ومن معك؟ قال: محمد، قيل: وقد أرسل إليه؟ قال: نعم، قيل: مرحباً به، فنعم المجيء جاء، فلما خَلَصتُ، فإذا موسى، قال: هذا موسى، فسلِّمْ عليه، فسلَّمت عليه فردَّ، ثم قال: مرحباً بالأخ الصالح والنبي الصالح، فلما جاوزته بكى، فقيل: ما يبكيك؟ قال: أبكي؛ لأن غلاماً بُعث بعدي يدخل الجنة من أمته أكثر مما يدخلها من أمتي، ثم صَعِدَ بي إلى السماء السابعة، فاستفتح جبريل، فقيل: من هذا؟ قال: جبريل، قيل: ومن معك؟ قال: محمد، قيل: وقد بُعِثَ إليه؟ قال: نعم، قيل: مرحباً به فنعم المجيءُ جاء، فلما خلَصتُ، فإذا إبراهيم، قال: هذا أبوك فسلِّمْ عليه، فسلَّمت عليه، فردَّ السلام، ثم قال: مرحباً بالابن الصالح والنبي الصالح، ثم رُفِعْتُ إلى سِدْرة المنتهى، فإذا نَبِقُها مثلُ قِلال هَجَر، وإذا وَرَقُها مثل آذان الفِيَلة، قال: هذه سِدْرة المنتهى، فإذا أربعةُ أنهار: نهرانِ باطنان، ونهران ظاهران، فقلت: ما هذان يا جبريل؟ قال: أما الباطنان: فنهران في الجنة، وأما الظاهران: فالنِّيل والفرات، ثم رُفِعَ لي البيتُ المعمور، ثم أُتِيتُ بإناءٍ من خمر، وإناءٍ من لَبَن، وإناءٍ من عسل، فأخذت اللَّبَن، فقال: هي الفطرة التي أنت عليها وأُمَّتُك، قال: ثم فُرضت عليَّ الصلاة، خمسين صلاةً كل يوم، فرجعت فمررت على موسى، فقال: بِمَ أُمرت؟ قلت: أُمِرتُ بخمسين صلاةً كل ⦗٢٩٥⦘ يوم، قال: إن أُمَّتَك لا تستطيع خمسين صلاةً كل يوم، وإني والله قد جَرَّبتُ الناس من قبلك، وعالجت بني إسرائيل أشدَّ المعالجة، فارجع إلى ربَّك فاسأله التخفيف لأُمَّتِك، فرجعتُ فوضع عني عشراً، فرجعت إلى موسى فقال مثله، فرجعت، فوضع عني عشراً، فرجعت إلى موسى، فقال مثله، فرجعت فوضع عني عشراً، فرجعت إلى موسى، فقال مثله، فرجعت فأمرت بعشر صلواتٍ كل يوم، فقال مثله، فرجعتُ فأمرتُ بخمس صلواتٍ كل يوم، فرجعت إلى موسى، فقال: بم أُمرت؟ قلت: بخمس صلوات كل يوم، قال: إن أُمَّتَك لا تستطيع خمس صلواتٍ كل يوم، وإني قد جربت الناس قبلك، وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة، فارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأُمَّتك، قال: سألت ربِّي حتى استحييت، ولكن أرضَى وأُسَلّم، فلما جاوزت، نادى منادٍ: أمضيتُ فريضتي، وخفَّفْت عن عبادي» .

وفي رواية: «بينا أنا عند البيت بين النائم واليقظان» وفيه: «ثم غُسِل البطن بماء زمزم، ثم مُلئ حكمةً وإيماناً» وفيه: «فَرُفِعَ لي البيتُ المعمور، فسألت جبريل؟ فقال: هذا البيتُ المعمور، يصلِّي فيه كلَّ يوم سبعون ألف مَلَكٍ، إِذا خرجوا لم يعودوا آخرَ ما عليهم» وفي آخره: «فخفَّفْتُ عن عبادي، وأجْزِي بالحسنة عشراً» .

وفي أخرى: «بينا أنا عند البيت، بين النائم واليقظان؛ إِذ سمعتُ قائلاً يقول: أحَدُ الثلاثة، بين الرجلين، فأُتيت، فانطُلِق بي، فأُتيتُ ⦗٢٩٦⦘ بَطَسْتٍ من ذهب، فيها من ماء زمزم، فشُرِح صدري إلى كذا وكذا - يعني إلى أسفل بطنه» .

وفي أخرى «فأُتيتُ بِطَسْتٍ من ذهب ممتلئٍ حكمةً وإيماناً، فَشُقَّ من النحر إلى مَراقِّ البطن، فَغُسِلَ بماء زمزم» أخرجه البخاري ومسلم. وأخرجه النسائي نحوه وأخصَرَ منه، وهذا أتم وأطول. وأخرجه الترمذي إلى قوله: «فغسله بماءِ زمزمَ، ثم أُعيد مكانَه، ثم حُشِيَ إيماناً وحكمة» قال الترمذي: وفي الحديث قصة طويلة، ولم يذكرها (٣) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]

(ثُغْرَة النَّحْر) الثُّغرة: النقرة التي بين الترقوتين.

(القَص) : رأس الصدر، وقيل: وسطه.

(سِدْرة المنتهى) السدر: شجر معروف، وأما سدرة المنتهى فهي شجرة في أقصى الجنة، إليها ينتهي عِلْمُ الأولين والآخرين.

(نَبِقها مثل قِلال هَجَر) النَّبِق: معروف، أراد: ثمرة سدرة المنتهى، و «القلال» جمع قُلَّةٍ، وهي الحُبُّ يسع مزادةً من الماء، ونُسبَتْ إلى «هجر» لأنها تعرف بها.


(١) القائل قتادة.
(٢) قال الحافظ في " الفتح ": لم أر من نسبه من الرواة، ولعله ابن أبي سبرة البصري صاحب أنس.
(٣) رواه البخاري ٦ / ٢١٧ - ٢١٩ في بدء الخلق، باب ذكر الملائكة، وفي الأنبياء، باب قول الله تعالى: {وهل أتاك حديث موسى. إذ رأى ناراً} ، وباب قول الله تعالى: {ذكر رحمة ربك عبده زكريا} ، وفي فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، باب المعراج، ومسلم رقم (١٦٤) في الإيمان، باب الإسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم، والترمذي رقم (٣٣٤٣) في التفسير، باب ومن سورة ألم نشرح، والنسائي ١ / ٢١٧ و ٢١٨ في الصلاة، باب فرض الصلاة.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: وقد تقدم.

<<  <  ج: ص:  >  >>