للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الباب الثاني: فيما لايجوز بيعه ولا يصح، وفيه أربعة فصول

[الفصل الأول: في النجاسات]

٢٦٢ - (خ م ت د س) جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - قال: سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول - عَامَ الْفَتْح بمكة -: «إنَّ الله ورسوله حرَّم (١) بَيْعَ الخمر والميْتَةِ، والخنزير، الأصنام» . فقيل: يا رسول الله، أرأيتَ شُحُومَ الميتة؟ فإنَّها تُطْلى بها السُّفُنُ، وتُدْهَنُ بها الجلود، ويَستَصْبِحُ بها الناس؟ ⦗٤٤٨⦘ فقال: «لا، هو حَرامٌ (٢) » .

ثم قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عند ذلك: «قاتل اللَّه اليَهُودَ، إنَّ الله لَمَّا حرَّم عليهم شُحومها أجْمَلوهُ (٣) ، ثم باعوه، فأكلوا ثمنه» . أخرجه الجماعة إلا «الموطأ» (٤) . ⦗٤٤٩⦘

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]

ويستصبح بها: الاستصباح: استفعال من المصباح، وهو السراج، أي: يشعل بها الضوء.


(١) قال الحافظ: هكذا وقع في " الصحيحين " بإسناد الفعل إلى ضمير الواحد، وكان الأصل حرما، فقال القرطبي: إنه صلى الله عليه وسلم تأدب فلم يجمع بينه وبين اسم الله في ضمير الاثنين، لأنه من نوع مارد به على الخطيب الذي قال: " ومن يعصهما " كذا قال، ولم تتفق الرواة في هذا الحديث على ذلك، فإن في بعض طرقه في الصحيح " إن الله حرم " ليس فيه " ورسوله " وفي رواية لابن مردويه من وجه آخر عن الليث " إن الله ورسوله حرما " وقد صح حديث أنس في النهي عن أكل الحمر الأهلية " إن الله ورسوله ينهيانكم " ووقع في رواية النسائي في هذا الحديث: ينهاكم، والتحقيق جواز الإفراد في مثل هذا، ووجهه الإشارة إلى أن أمر النبي ناشئ عن أمر الله. وهو نحو قوله: " والله ورسوله أحق أن يرضوه " والمختار في هذا، أن الجملة الأولى حذفت لدلالة الثانية عليها، والتقدير عند سيبويه: والله أحق أن يرضوه ورسوله أحق أن يرضوه، وهو كقول الشاعر:
نحن بما عندنا وأنت بما عنـ ... ـدك راض والرأي مختلف
(٢) قال النووي: قوله " لا، هو حرام " معناه: لا تبيعوها، فإن بيعها حرام، فالضمير في " هو " يعود إلى البيع، لا إلى الانتفاع، هذا هو الصحيح عند الشافعي وأصحابه: أنه يجوز الانتفاع بشحوم الميتة في طلي السفن والاستصباح، وغير ذلك مما ليس بأكل، ولا في بدن الآدمي، وأكثر العلماء حملوا قوله " هو حرام " على الانتفاع فقالوا: يحرم الانتفاع بالميتة أصلاً، إلا ما خص بالدليل وهو الجلد المدبوغ.
(٣) جملت الشحم، وأجملته: إذا أذبته واستخرجت دهنه حتى يصير ودكاً فيزول عنه اسم الشحم. وجملت أفصح من أجملت - والضمير راجع إلى الشحوم على تأويل المذكور، ويجوز أن يرجع إلى ما هو في معنى الشحوم، وهو الشحم، إذ لو قيل: حرم شحمها - لم يخل بالمعنى، نحو قوله تعالى: {فأصدق وأكن من الصالحين} [٦٣: ١٠] .
وقال الخطابي في " معالم السنن ": وفي هذا بطلان كل حيلة يحتال بها للتوصل إلى محرم، وأنه لا يتغير حكمه بتغيير هيئته، وتبديل اسمه.
وفيه: جواز الاستصباح بالزيت النجس. فإن بيعه لا يجوز.
وفي تحريمه ثمن الأصنام: دليل على تحريم بيع جميع الصور المتخذة من الطين والخشب والحديد والذهب والفضة وما أشبه ذلك من اللعب ونحوها.
وفي الحديث: دليل على وجوب العبرة واستعمال القياس، وتعدية معنى الاسم إلى المثل أو النظير، خلاف ما ذهب إليه أهل الظاهر.
(٤) البخاري ٥/٢٢٩ و ٢٣٠ في البيوع، باب بيع الميتة والأصنام، و ٩/٨١ و ٨٢ في المغازي، باب منزل النبي صلى الله عليه وسلم يوم " الفتح "، ومسلم رقم (١٥٨١) في المساقاة، باب تحريم بيع الخمر والميتة، والترمذي رقم (١٢٩٧) في البيوع، باب ما جاء في بيع جلود الميتة، وأبو داود رقم (٣٤٨٦) في الإجارة، باب في ثمن الخمر والميتة، والنسائي ٧/٣٠٩ و ٣١٠ في البيوع، باب بيع الخنزير، وأخرجه ابن ماجة رقم (٢١٦٧) في التجارات، باب ما لا يحل بيعه.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح:
١- أخرجه أحمد (٣/٣٢٤) قال: حدثنا حجاج، قال: حدثنا ليث. وفي (٣/٣٢٦) قال: حدثنا أبو عاصم، الضحاك بن مَخلد، عن عبد الحميد بن جعفر، والبخاري (٣/١١٠) (٥/١٩٠) قال: حدثنا قتيبة، قال: حدثنا الليث. وفي (٦/٧٢) قال: حدثنا عمرو بن خالد، قال: حدثنا الليث. ومسلم (٥/٤١) قال: حدثنا قتيبة بن سعيد، قال: حدثنا ليث. وفي (٥/٤١) قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، وابن نمير، قالا: حدثنا أبو أسامة، عن عبد الحميد بن جعفر. (ح) وحدثنا محمد بن المثنى، قال: حدثنا الضحاك - يعني أبا عاصم - عن عبد الحميد. وأبو داود (٣٤٨٦) قال: حدثنا قتيبة بن سعيد، قال: حدثنا الليث. وفي (٣٤٨٧) قال: حدثنا محمد بن بشار، قال: حدثنا أبو عاصم، عن عبد الحميد بن جعفر. وابن ماجة (٢١٦٧) قال: حدثنا عيسى بن حماد المصري، قال: أنبأنا الليث بن سعد. والترمذي (١٢٩٧) قال: حدثنا قتيبة، قال: حدثنا الليث، والنسائي (٧/١٧٧) (٣٠٩) قال: أخبرنا قتيبة، قال: حدثنا الليث، كلاهما - الليث، وعبد الحميد بن جعفر- قالا: حدثنا يزيد بن أبي حبيب.
٢- وأخرجه أحمد (٣/٣٤٠) قال: حدثنا يحيى بن إسحاق، قال: أخبرنا ابن لهيعة، عن جعفر بن ربيعة.
كلاهما - يزيد بن أبي حبيب، وجعفر بن ربيعة- عن عطاء بن أبي رباح، فذكره.
* لفظ رواية جعفر بن ربيعة: «لما كان يومُ فتحِ مكة، أهراق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الخمر، وكسر جراره، ونهى عن بيعه، وبيع الأصنام» .
قلت: ورواه عن جابر أبو الزبير، أخرجه أحمد (٣/٣٧٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>