وقيل: إنه إذا قال: كانوا يفعلون كذا، فإنه يفيد أن جميع الأمة فعلت ذلك، أو فعل البعض، وسكت الباقون، أو فعلوا بأجمعهم فِعْلاً على وجهٍ ظهر للنبي صلى الله عليه وسلم ولم ينكره عليهم.
وبالجملة فإن الراوي إذا قال قولاً في محلِّ الاجتهاد، فلا يلزمنا تقليده، لأنه يحتمل أنه قال عن اجتهاد، واجتهاده لا يترجح على اجتهاد غيره، أما إذا قال قولاً لا محل للاجتهاد فيه، فَحُسْن الظن يقتضي أنه ما قاله إلا عن طريق، وإذا بطل الاجتهاد تعين السماع.
النوع الثاني: في نقل لفظ الحديث ومعناه.
لا خلاف بين العلماء أن المحافظة على لفظ الحديث وحُرُوفه ونَقْطه وإعرابه أمر من أمور الشريعة عزيز، وحكم من أحكامها شريف، وأنه الأولى بكل ناقل، والأجدر بكل راوٍ، وحتى أوجبه قوم، ومنعوا من نقل الحديث بالمعنى.
والكلام في ذلك له تفصيل وشرح، فنقول:
قال العلماء: نقل الحديث بالمعنى دون اللفظ حرام علي الجاهل بمواقع الخطاب، ودقائق الألفاظ، أما العالم بالفرق بين المحتمل وغير المحتمل، والظاهر والأظهر، والعام والأعم، فقد جوز له ذلك الشافعي وأبو حنيفة وجماهير الفقهاء، ومعظم أهل الحديث.