للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[الفصل الثالث: في ابن صياد]

٧٨٥٩ - (خ م د) محمد بن المنكدر قال: رأيتُ جابرَ بنَ عبد الله - رضي الله عنهما - يحلف بالله: أنَّ ابنَ صيّاد الدجالُ، قال: قلت: أتَحْلفُ بالله؟ قال: فإني سمعتُ عمر يحلف بالله على ذلك عندَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم-، فلا يُنْكرهُ. أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود (١) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]

(ابن صياد) قال الخطابي: قد اختلف الناس في أمر ابن صيَّاد اختلافاً ⦗٣٦٣⦘ شديداً، وأشكل أمره، حتى قيل فيه كل قول، فيقال: كيف بقّى رسول الله - صلى الله عليه وسلم- رجلاً يدَّعي النبوة كاذباً، وتركه بالمدينة في داره يجاوره؟ وما معنى ذلك؟ وما وجه امتحانه إياه بما خبأ له من آية الدخان؟ وقوله بعد ذلك: «اخسأ، فلن تعدو قدرك» ؟ قال: والذي عندي، أن هذه القصة إنما جرت معه أيام مهادنته - صلى الله عليه وسلم- اليهود وحلفاءهم، وذلك: أنه بعد مقدمه المدينة كتب بينه وبين اليهود كتاباً صالحهم فيه على أن لا يهاجروا، وأن يتركوا على أمرهم، وكان ابن صياد منهم، أو دخيلاً في جملتهم - وكان يبلغ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- خَبَرُهُ، وما يدَّعيه من الكهانة ويتعاطاه من الغيب، فامتحنه النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- بذلك ليبرز أمره ويختبر شأنه، فلما كلَّمه علم أنه مبطل، وأنه من جملة السحرة أو الكهنة، أو ممن يأتيه رِئْي من الجن، أو يتعاهده شيطان، فيلقي على لسانه بعض ما يتكلم به، فلما سمع قوله: «الدخ» زبره، فقال: «اخسأ فلن تعدو قدرك» ، يريد أن ذلك شيء اطلع عليه الشيطان، فألقاه إليه وأجراه على لسانه، وليس ذلك من قبيل الوحي السماوي إذ لم يكن له قدر الأنبياء الذين يُوحى إليهم علم الغيب، ولا درجة الأولياء الذين يلهمون الغيب فَيُصِيبُون بنور قلوبهم، وإنما كانت له تارات يصيب في بعضها، ويخطئ في البعض، وذلك معنى قوله: «يأتيني صادق وكاذب» فقال له عند ذلك: «قد خلِّط عليك» والجملة من أمره: أنه كان فتنة امتَحَن الله به ⦗٣٦٤⦘ عباده المؤمنين {ليهلك مَنْ هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة} [الأنفال: ٤٢] كما امتَحن الله قوم موسى بالعجل، فافتتن به قوم وهلكوا، ونجا من هداه الله وعصمه، وقد اختلفت الروايات في كفره، وفيما كان من شأنه بعد كبره، فروي أن تاب عن ذلك القول، ثم إنه مات بالمدينة، وأنهم لما أرادوا الصلاة عليه، كشفوا عن وجهه حتى رآه الناس، وقيل لهم: اشهدوا، وروي غير ذلك، وأنه فُقِد يوم الحرَّة فلم يجدوه، والله أعلم.


(١) رواه البخاري ١٣ / ٢٧٣ في الاعتصام، باب من رأى ترك النكير من النبي صلى الله عليه وسلم حجة لا من غير الرسول، ومسلم رقم (٤٩٢٩) في الفتن، باب ذكر ابن صياد، وأبو داود رقم في الملاحم، باب في خبر ابن صائد.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه البخاري (٩/١٣٣) قال: حدثنا حماد بن حميد. ومسلم (٨/١٩٢) وأبو داود (٤٣٣١) .
ثلاثتهم - حماد، ومسلم، وأبو داود - قالوا: حدثنا عبيد الله بن معاذ العنبري، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا شعبة، عن سعد بن إبراهيم، عن محمد بن المنكدر، فذكره.

<<  <  ج: ص:  >  >>