للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[النوع] الثالث: في مجالسته ومحادثته

٥٣٥٢ - (خ م د ت س) أبو هريرة - رضي الله عنه -: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم- لَقِيَهُ في بعض طريق المدينة وهو جنب، فانْخَنَسْتُ منه، فذهب فاغتسل، ثم جاء فقال: أين كنتَ يا أبا هريرة؟ قال: كنتُ جُنُباً، ⦗٣١١⦘ فكرهتُ أن أُجَالِسَكَ وأنا على غير طهارة، قال: سبحان الله! إن المؤمن لا يَنجُس» أخرجه البخاري.

وللبخاري قال: «لَقِيَني رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وأنا جنب، فأخذ بيدي، فمشَيْتُ معه حتى قعد، فانْسَلَلْتُ فأتيتُ الرَّحْلَ فاغتسلت، ثم جئت وهو قاعد، فقال: أين كنتَ يا أبا هريرة؟ فقلت له، فقال: سبحان الله! إن المؤمن لا ينجس» .

وعند مسلم «أنه لقيه النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- في طريق من طرق المدينة وهو جنب فَانسَلَّ، فذهب فاغتسل، ففقده (١) النبيُّ - صلى الله عليه وسلم-، فلما جاء قال: أين كنتَ يا أبا هريرة؟ قال: يا رسول الله، لَقِيتَني وأنا جنب، فكرهت أن أجالسك حتى أغتسل، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: سبحان الله! إن المؤمن لا ينجس» .

وأخرج الترمذي الرواية الأولى، وقال: «فانتجشْتُ (٢) » وفي الحاشية: صوابه «فانخنستُ» أي: اسْتَتَرْتُ واخْتَفَيْتُ، وفسر في آخر الحديث معنى «انخنست (٣) » أي: تَنَحَّيتُ.

وفي رواية أبي داود مثلها وقال: «فاختنستُ» .

وفي رواية النسائي قال: «فانْسَلَّ عنه» (٤) . ⦗٣١٢⦘

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]

(فانْخَنَسْتُ) هذه اللفظة قد جاءت في الروايات مختلفة، فأخرجه البخاري في متن كتابه «فانْتَجَشْتُ» وفي الكتاب أيضاً فوق الكلمة «فانْخَنَسْتُ» وعند الترمذي «فانْبجست» وفي حاشية كتابه: صوابه «فانخنست» أي: استترت، واختفيت، وفسر في آخر الحديث معنى «انخنست» أي: تنحيت، وفي كتاب أبي داود: «فاخْتَنَسْتُ» . وفي رواية مسلم والنسائي «فانْسَلَّ» وفي أخرى للبخاري «فانْسَلَلْتُ» هذه ألفاظ رواياتهم على اختلافها.

فأما «انْخَنَسْتُ» و «اخْتَنَسْتُ» بالخاء المعجمة والسين المهملة فهو من الخُنُوس: التأخر والاختفاء، يقال: خَنَس يَخْنِس: إذا تأخَّر وأخْنَسَه غيره، ومنه سميت الكواكب الخمسة - زُحَل، والمشتري، والمرِّيخ، والزُّهرة، وعطارد-: الخُنَّس في قوله تعالى: {فَلا أُقْسِمُ بالخُنَّسِ} [التكوير: ١٥] على ما جاء في التفسير، سُمِّيت بذلك، لأنها تتأخَّر في رجوعها، بينا تراها في مكان من السماء، حتى تراها راجعة إلى وراء جهتها ⦗٣١٣⦘ التي كانت تسير إليها، أو لأنها تخفى بالنهار، وحينئذ لا يختص ذلك بالخمسة، فإن جميع الكواكب تختفي بالنهار، والأول الوجه، و «انْخَنَسْت» انْفَعَلَت فالأول مُطاوع بالنون. والثاني: مطاوعه بالتاء، ويعضد ذلك: ما جاء في رواية مسلم والنسائي، وإحدى روايتي البخاري من قوله: «فانْسَلَّ» و «انْسَلَلْتُ» .

وأما «انْتَجَشْت» بالجيم والشين المعجمة: فإنه من النَّجْش: الإسراع، قال الجوهري: ومرَّ فلان يَنْجُش نَجْشاً أي: يُسْرِع، والنَّاجِشُ الذي يَحُوش الصيد، ونجشتُ الصيد: إذا اسْتَثَرْتَه، وذلك نوع من الإسراع في الحركة، والله أعلم.


(١) في نسخ مسلم المطبوعة: فتفقده.
(٢) وفي بعض الروايات: فانتجست، أي: اعتقدت نفسي نجساً، وفي بعضها: فانبجست، أي: فاندفعت.
(٣) في الأصل: انتجست، والتصويب من نسخ الترمذي المطبوعة.
(٤) رواه البخاري ١ / ٣٣٣ في الغسل، باب عرق الجنب وأن المسلم لا ينجس، وباب الجنب يخرج ⦗٣١٢⦘ ويمشي في السوق وغيره، ومسلم رقم (٣٧١) في الحيض، باب الدليل على أن المسلم لا ينجس، وأبو داود رقم (٢٣١) في الطهارة، باب في الجنب يصافح، والترمذي رقم (١٢١) في الطهارة، باب ما جاء في مصافحة الجنب، والنسائي ١ / ١٤٥ و ١٤٦ في الطهارة، باب مماسة الجنب ومجالسته.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه أحمد (٢/٢٣٥ و ٣٨٢) قال: حدثنا محمد بن أبي عدي. وفي (٢/٤٧١) قال: حدثنا يحيى. والبخاري (١/٧٩) قال: حدثنا علي بن عبد الله، قال: حدثنا يحيي. وفي (١/٧٩) قال: حدثنا عياش، قال: حدثنا عبد الأعلى. ومسلم (١/١٩٤) قال: حدثني زهير بن حرب، قال: حدثنا يحيي -يعني ابن سعيد - (ح) وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا إسماعيل بن علية. وأبو داود (٢٣١) قال: حدثنا مسدد، قال: حدثنا يحيى وبشر. وابن ماجة (٥٣٤) قال: حدثنا أبو بكر ابن أبي شيبة. قال: حدثنا إسماعيل بن علية. والترمذي (١٢١) قال: حدثنا إسحاق بن منصور، قال: حدثنا يحيى بن سعيد القطان. والنسائي (١/١٤٥) . وفي الكبرى (٢٥٥) قال: أخبرنا حميد بن مسعدة، قال: حدثنا بشر، وهو ابن المفضل.
خمستهم - محمد بن أبي عدي، ويحيى بن سعيد، وعبد الأعلى، وإسماعيل بن علية، وبشر بن المفضل- عن حميد الطويل، قال: حدثنا بكر بن عبد الله، عن أبي رافع، فذكره.
(*) اللفظ ليحيى بن سعيد عند البخاري.

<<  <  ج: ص:  >  >>