وعلى ذلك جاء الناس بعدهم، ما زالوا يتكلمون في الرجال ليعرفوا.
كيف والمسلمون مجمعون على أنه لا يجوز الاحتجاج في أحكام الشريعة إلا بحديث الصدوق العاقل الحافظ؟ فيكفي هذا مبيحًا لجرح من ليس هذا صفته، وتبيين حاله، ليُعلم عمن تؤخذ الأدلة، وتُتَلَقَّى الرواية.
[الفرع الثالث: في بيان طبقات المجروحين]
الصحابة - رضي الله عنهم أجمعين - جميعهم عدول بتعديل الله تعالى ورسوله - صلى الله عليه وسلم-، لا يحتاجون إلى بحث عن عدالتهم.
وعلى هذا القول مُعظم المسلمين من الأئمة والعلماء من السلف والخلف.
وذهب جمهور المعتزلة إلى أن عائشة وطلحة والزبير ومعاوية. وجميع أهل العراق والشام فُسَّاق بقتالهم الإمام الحق، يعنون عليًا كرم الله وجهه.
وقال قوم من سلف القدرية: يجب رد شهادة علي، والزبير، وطلحة، مجتمعين ومتفرقين، لأن فيهم فاسقًا لا بعينه.
وقال قوم: تقبل شهادة كل واحد منهم إذا انفرد، لأنه لم يتعين فسقه، أما إذا كان مع مخالفه، رُدَّت شهادته، إذ يُعلم أن أحدهما فاسق.
وشك بعضهم في فسق عثمان - رضي الله عنه - وقَتَلَتِه.
وكل هذا جُرأة على السلف تخالف السنة، فإن ما جرى بينهم كان مبنيًا على الاجتهاد، وكل مجتهد مصيب (١) ، والمصيب واحد مثاب، والمخطئ معذور، لا تردُّ شهادته.