للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[الكتاب الثالث: في ترتيب القرآن وتأليفه وجمعه]

٩٧٤ - (خ ت) زيد بن ثابت - رضي الله عنه -: قال: أرسلَ إليَّ أبو بكْرٍ، مَقْتَلَ أهْلِ الْيَمامَةِ، فإذا عُمَرُ جالسٌ عنده، فقال أبو بكر: إنَّ عمرَ جاءني، فقال: إنَّ القَتْلَ قَدِ اسْتَحَرَّ يومَ اليمامَةِ (١) بِقُرَّاءِ الْقُرآنِ، وأنّي أَخْشَى أنْ يَسْتَحِرَّ الْقَتْلُ بالقُرَّاءِ في كُلِّ الْمواطِنِ، فيذهَبَ من القرآن كثيرٌ، وإني أرَى أنْ تأمُرَ بِجَمْعِ القرآنِ، قال: قلتُ لعُمَر: كيف أفْعلُ شَيْئاً لم يفعلْه رسُول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال عمر: هو واللهِ خَيْرٌ، فلم يَزَلْ يُرَاجِعُني في ذلك، حتى شَرَحَ الله صَدْرِي للَّذي شرح له صَدْرَ عمر، ورأيتُ في ذلك الذي رأى عمر، قال زيد: فقال لي أبو بكر (٢) : إنَّكَ رُجلٌ شَابٌّ عاقلٌ، لا نَتَّهِمُك، قد كُنْتَ تكْتُبُ ⦗٥٠٢⦘ الْوَحْي لرسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فَتَتَبَّعِ القُرآنَ فَاْجَمعْهُ، قال زيدٌ: فَواللهِ لو كلَّفَني نَقلَ جَبَلٍ من الجبالِ ما كان أثقَلَ عَلَيَّ مِمَّا أمَرَني به مِنْ جَمْعِ القُرآنِ، قال: قلتُ: كيف تَفْعَلانِ شَيئاً لم يفعلْهُ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال أبو بكر: هو والله خيْرٌ، قال: فلم يزل [أبو بكرٍ] يُرَاجعني وفي أُخرى: فلم يزل عُمَرُ يراجِعُني حتَّى شرحَ اللهُ صَدْرِي للذي شرحَ له صَدْرَ أبي بَكرْ وعُمَرَ، قال: فتتبَّعت الْقُرآنَ أجْمَعُهُ من الرِّقاعِ والْعُسُبِ، واللّخافِ، وصُدُور الرِّجالِ، حتى وجدتُ آخرَ سورة التوبة مع خُزَيْمةَ - أو أبي خُزيْمَة الأنصاري - لَمْ أجِدْهَا مع أحدٍ غيرِه (٣) {لَقدْ جَاءَكُم رسولٌ من أنفُسِكم} [التوبة: ١٢٨] خاتمَة بَراءة، قال: فكانت الصُّحُفُ عند أبي بكْرٍ، حتى تَوَفَّاهُ الله، ثم عند عمر، حتى تَوَفَّاهُ الله، ثم عند حَفْصَةَ بنت عمر. ⦗٥٠٣⦘

قال بعضُ الرواة فيه: اللخافُ: يعني: الْخَزَف (٤) . أخرجه البخاري، والترمذي (٥) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]

(مقتل أهل اليمامة) هو مفعل من القتل، وهو ظرف زمان هاهنا، يعني: أوان قتلهم، واليمامة: أراد الوقعة التي كانت باليمامة، في زمن أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وهم أهل الردة.

(استحر القتل) كثر واشتد.

(العسب) جمع عسيب، وهو سعف النخل.

(اللخاف) جمع لخفة، وهي حجارة بيض رقاق.


(١) وكان في سنة اثنتي عشرة للهجرة، وفيه دارت رحى الحرب بين المسلمين وأهل الردة من أتباع مسيلمة الكذاب، وكانت معركة حامية الوطيس، استشهد فيها كثير من قراء الصحابة وحفظتهم للقرآن، ينتهي عددهم إلى السبعين، من أجلهم سالم مولى أبي حذيفة ... .
(٢) ذكر له أربع صفات مقتضية لخصوصيته بذلك: كونه شاباً، فيكون أنشط لما يطلب منه، وكونه ⦗٥٠٢⦘ عاقلاً، فيكون أوعى له، وكونه لا يتهم، فتركن النفس إليه، وكونه كان يكتب الوحي، فيكون أكثر ممارسة له. وهذه الصفات التي اجتمعت له قد توجد في غيره، لكن متفرقة.
(٣) لقد ثبت كونها قرآناً بأخبار كثيرة، غامرة من الصحابة عن حفظهم في صدورهم، وإن لم يكونوا كتبوه في أوراقهم. ومعنى قول زيد " لم أجدها مع أحد غيره " أنه لم يجدها مكتوبة عند أحد إلا عند خزيمة. فالذي انفرد به خزيمة هو كتابتها لا حفظها، وليست الكتابة شرطاً في المتواتر، بل المشروط فيه أن يرويه جمع يؤمن تواطؤهم على الكذب، ولو لم يكتبه واحد منهم.
وقال الحافظ في " الفتح " ٩ / ١٢ تعليقاً على قوله " لم أجدها مع أحد غيره " أي: مكتوبة لما تقدم من أنه كان لا يكتفي بالحفظ دون الكتابة، ولا يلزم من عدم وجدانه إياها حينئذ أن لا تكون تواترت عند من لم يتلقها من النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما كان زيد يطلب التثبت عمن تلقاها بغير واسطة.
(٤) وفي الترمذي " يعني: الحجارة ".
(٥) البخاري ٩ / ٩ و ١٠ و ١١ و ١٢ و ١٣ في فضائل القرآن، باب جمع القرآن، وباب كاتب النبي صلى الله عليه وسلم، وفي تفسير سورة براءة، باب {لقد جاءكم رسول من أنفسكم} ، وفي الأحكام، باب ما يستحب للكاتب أن يكون أميناً، والترمذي رقم (٣١٠٢) في التفسير، باب ومن سورة التوبة.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه أحمد ١/١٠١ (٥٧) ، ٥/١٨٨ قال: حدثنا أبو كامل، قال: حدثنا إبراهيم بن سعد. وفي ١/١٣ (٧٦) قال: حدثنا عثمان بن عمر، قال: أخبرنا يونس. و «البخارى» (٦/٨٩) قال: حدثنا أبو اليمان، قال: أخبرنا شعيب. وفي ٦/٢٢٥، ٩/١٥٣ قال: حدثنا موسى بن إسماعيل، عن إبراهيم بن سعد. وفي ٦/٢٧٧ قال: حدثنا يحيى بن بكير، قال: حدثنا الليث، عن يونس..وفي (٩/٩٢) قال: حدثنا محمد بن عبيد الله أبو ثابت.، قال: حدثنا إبراهيم بن سعد. و «الترمذي (٣/١٣٠) قال: حدثنا محمد بن بشار، قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، قال: حدثنا إبراهيم بن سعد. و «النسائي» في فضائل القرآن (٢٠) قال: أخبرنا الهيثم بن أيوب. قال: حدثني إبراهيم، يعني ابن سعد.
ثلاثتهم - إبراهيم، ويونس، وشعيب - عن الزهري، عن عبيد بن السياق، فذكره.

<<  <  ج: ص:  >  >>