للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الباب الخامس: فيمن تحل له، ومن لا تحل له، وفيه فصلان

[الفصل الأول: فيمن لا تحل له]

٢٧٤٧ - (م د س) عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث - رضي الله عنه -: قال: «اجتمع ربيعة بن الحارث، والعباس بن عبد المطلب، فقالا: [والله] لو بَعَثْنَا هذين الغلامين - قال لي، وللفضل بن العباس - إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فكلَّماه، فأمَّرهُما على هذه الصدقات، فأدَّيا ما يؤدِّي الناسُ، وأصابا مما يصيب الناس؟ قال: فبينما هما في ذلك جاء عليٌّ بن أَبي طالب، فوقف عليهما، فذكرا له ذلك، فقال عليٌّ: لا تفعلا، فوالله ما هو بفاعلٍ، فانْتَحاه ربيعة بن الحارث، فقال: والله، ما تصنع هذا إِلا نفاسة منك علينا، فوالله، لقد نِلْتَ صِهْرَ رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فما نَفِسْنَاهُ عليك، فقال عليٌّ: أَرْسِلُوهُما، فانطلقا، واضْطَجَعَ [عليٌّ] ، قال: فلما صلى رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم ⦗٦٥٤⦘ الظهرَ سبقناه إلى الحُجرة، فقمنا عندها، حتى جاء، فأخذ بآذاننا، ثم قال: أَخْرِجَا ما تُصَرِّرَان (١) ، ثم دخل ودخلنا معه (٢) ، وهو يومئذ عند زينب بنت جَحْش، قال: فتواكلنَا الكلامَ، ثم تكلَّم أَحدُنا، فقال: يا رسول الله، أنت أَبَرُّ الناس، وأوصلُ الناس، وقد بلغْنا النكاحَ (٣) ، فجئنا لتُؤمِّرَنا على بعض هذه الصدقات، فنؤديَ إِليك كما يؤدي الناسُ، ونُصِيبَ كما يصيبون، قال: فسكت طويلاً حتى أَردنا أن نُكَلِّمَهُ، قال: وجعلت زينب تُلْمِعُ إلينا من وراء الحجاب: أن لا تكَلِّماه، قال: ثم قال: إِن هذه الصدقة لا تنبغي لآل محمد، إِنما هي أوساخُ الناس (٤) ، ادْعُوا لي مَحمِيَةَ - وكان على الخُمس، ⦗٦٥٥⦘ ونوفَلَ بنَ الحارث بن عبد المطلب، قال: فجاءاه: فقال لمحميةَ: أَنكِحْ هذا الغلامَ ابنتَك - للفضل بن العباس - فأنكحه، وقال لنوفل بن الحارث: أَنْكح هذا الغلام ابنتَك، فأنكَحَني، وقال لمحميةَ: أصدِقْ عنهما من الخمس (٥) كذا وكذا، قال الزهري: ولم يُسَمِّهِ لي» .

وفي رواية نحوه، وفيه: «قال: فَأَلْقَى عليٌّ رداءه ثم اضْطَجَعَ عليه، وقال: أنا أبو حَسَنٍ القَرْمُ (٦) ، والله لا أَرِيم مكاني حتى يرجع إليكما ابناكُما بِحَوْرِ ما بعثتما به إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم-» . وقال في الحديث: «ثم قال لنا: إن هذه ⦗٦٥٦⦘ الصدقات إنما هي أَوساخ الناس، وإِنها لا تَحِلُّ لمحمد ولا لآل محمد» ، وقال أَيضاً: «ثم قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم-: ادعوا لي محميةَ بنَ جَزْءٍ، وهو رجل من بني أسدٍ (٧) ، كان رسول الله استعمله على الأخماس» . أَخرجه مسلم، وأبو داود.

واختصره النسائي قال: «إِن ربيعة بن الحارث قال لعبد المطلب بن ربيعة وللفضل بن العباس: ائْتيا رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم-، فقولا: استعملنا على الصدقات، فأتى عليٌّ بن أبي طالب، ونحن على تلك الحال، فقال: إنَّ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- لا يستعمل أحداً منكم على الصدقة، فقال عبد المطلب: فانطلقت أنا والفضلُ حتى أَتينا رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال لنا: إِن هذه الصدقة إنما هي أوساخ الناس، وإنها لا تحل لمحمد ولا لآل محمد» (٨) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]

(فانتَحَاه) أي: عرض له.

(النفاسة) : البخل، أي: بخلاً منك علينا. ⦗٦٥٧⦘

(ما تصرران؟) أي: ما جمعتما في صدوركما وعزمتما على إظهاره، وكل شيء جمعته، فقد صررته.

(فتواكلنا الكلام) التواكل: أن يكل كل واحد أمره إلى صاحبه، ويتكل فيه عليه، يريد أن يبتدئ صاحبه بالكلام دونه.

(القرم) : السيد قال الخطابي: وأكثر الروايات " القوم" بالواو، ولا معنى له، وإنما هو «القرم» بالراء، يريد به: المقدم في الرأي والمعرفة بالأمور والتجارب.

(لا أريم) تقول: لا أريم عن هذا المكان، أي: لا أبرح.

(بحور ما بعثتما به) أي بجواب ما تقولانه لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصل الحور: الرجوع.


(١) قال النووي في " شرح مسلم ": قوله " تصرران " هكذا هو في معظم الأصول في بلادنا، وهو الذي ذكره الهروي والمازري وغيرهما من أهل الضبط " تصرران " بضم التاء وفتح الصاد المهملة وكسر الراء وبعدها راء أخرى، ومعناه: ما تجمعانه في صدوركما من الكلام، وكل شيء جمعته فقد صررته، ووقع في بعض النسخ " تسرران " بالسين، من السر، أي: ما تقولانه لي سراً، وذكر القاضي عياض فيه أربع روايات هاتان اثنتان، والثالثة " تصدران " بإسكان الصاد وبعدها دال مهملة، ومعناها: ماذا ترفعان إلي؟ قال: وهذه رواية السمرقندي، والرابعة " تصوران " بفتح الصاد وبواو مكسورة، قال: وهكذا ضبطه الحميدي، قال القاضي: وروايتنا عن أكثر شيوخنا بالسين، واستبعد رواية الدال، والصحيح: ما قدمناه عن معظم نسخ بلادنا، ورجحه أيضاً صاحب المطالع، فقال: الأصوب " تصرران " بالصاد والراءين.
(٢) عند مسلم " ودخلنا عليه ".
(٣) قال النووي في " شرح مسلم ": أي الحلم، كقوله تعالى: {حتى إذا بلغوا النكاح} [النساء: ٦] .
(٤) قال النووي في " شرح مسلم ": " إن الصدقة لا تنبغي لآل محمد " دليل على أنها محرمة سواء كانت بسبب العمل أو بسبب الفقر والمسكنة، وغيرها من الأسباب الثمانية، وهذا هو ⦗٦٥٥⦘ الصحيح عند أصحابنا، وجوز بعض أصحابنا لبني هاشم وبني المطلب: العمل عليها بسهم العامل، لأنه إجارة، وهذا ضعيف، أو باطل، وهذا الحديث صريح في رده، وقوله: " إنما هي أوساخ الناس " تنبيه على العلة في تحريمها على بني هاشم وبني المطلب، وأنه لكرامتهم وتنزيههم عن الأوساخ. ومعنى " أوساخ الناس " أنها تطهير لأموالهم ونفوسهم، كما قال الله تعالى: {خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها} [التوبة: ١٠٣] فهي كغسالة الأوساخ.
(٥) قال النووي في " شرح مسلم ": يحتمل أن يريد: من سهم ذوي القربى، ويحتمل أن يريد: من سهم النبي صلى الله عليه وسلم من الخمس.
(٦) قال النووي في " شرح مسلم ": وقوله " أنا أبو الحسن القرم " وهو بتنوين " حسن " وأما القرم: فبفتح القاف وبالراء الساكنة، مرفوع، وهو السيد، وأصله: فحل الإبل، وقال الخطابي: معناه: المقدم في المعرفة بالأمور والرأي، كالفحل، هذا أصح الأوجه في ضبطه، وهو المعروف في نسخ بلادنا، والثاني: حكاه القاضي " أبو حسن القوم " بالواو، بإضافة " حسن " إلى " القوم " ومعناه: عالم القوم وذو رأيهم، والثالث حكاه القاضي أيضاً " أبو حسن " بالتنوين، و " القوم " بالواو، مرفوع، أي: أنا من علمتم رأيه، أيها القوم، وهذا ضعيف، لأن حرف النداء لا يحذف في نداء القوم ونحوه.
(٧) قال النووي في " شرح مسلم ": " وهو رجل من بني أسد "، كذا وقع، والمحفوظ: أنه من بني زبيد لا من بني أسد.
(٨) رواه مسلم رقم (١٠٧٢) في الزكاة، باب ترك استعمال آل النبي صلى الله عليه وسلم على الصدقة، وأبو داود رقم (٢٩٨٥) في الإمارة، باب بيان مواضع قسم الخمس وسهم ذي القربى، والنسائي ٥ / ١٠٥ و ١٠٦ في الزكاة، باب استعمال آل النبي صلى الله عليه وسلم على الصدقة.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح:

<<  <  ج: ص:  >  >>