للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[أصحاب الغار]

٧٨٢٢ - (خ م د) عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - قال: سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- يقول: «انطلقَ ثلاثةُ نَفَر ممن كان قبلكم، حتى آواهم ⦗٣١٥⦘ المبيتُ إلى غار، فدخلوه، فانحدرتْ صَخرَة من الجبل، فسَدت عليهم الغارَ، فقالوا: إنه لا يُنجيكم من هذه الصخرة إلا أن تَدْعُوا الله بصالح أعمالكم، قال رجل منهم: اللهم كان لي أبوان شيخانِ كبيران، وكنتُ لا أَغْبُقُ قبلهما أهلاً ولا مالاً، فنأَى بي طلبُ شَجَرٍ يوماً، فلم أَرُحْ عليهما حتى ناما، فَحَلَبْتُ لها غَبوقَهُما، فوجدتهما نائمين، فكَرِهتُ أن أَغْبُقَ قبلهما أهلاً أو مالاً، فَلَبِثْتُ والقَدَحُ على يدي أنتظر استيقاظهما، حتى بَرَقَ الفَجْر- زاد بعض الرواة: والصِّبيَةُ يَتضاغَونَ عند قدَميَّ - فاستيقظا، فشرِبا غَبوقَهُما، اللهم إن كنتُ فعلتُ ذلك ابتغاءَ وجهك، ففرِّج عنا ما نحن فيه من هذه الصخرة، فانفرَجتْ شيئاً لا يستطيعون الخروج، قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم-: قال الآخر: اللهم كانت لي ابنةُ عمّ، كانت أحبَّ الناس إليَّ، فأردتُها على نفسها، وامتنعت مني، حتى ألمت بها سَنَة من السنين، فجاءتني، فأعطيتُها عشرين ومائةَ دينار، على أن تُخَلِّيَ بيني وبين نفسها، ففعلت، حتى إذا قَدَرْتُ عليها، قالت: لا أُحِلُّ لَكَ أن تَفُضَّ الخاتَمَ إلا بحقِّه، فتحَرَّجْتُ من الوقوع عليها، فانصرفتُ عنها وهي أحبُّ الناس إليّ، وتركتُ الذهب الذي أعطيتها، اللهم إن كنتُ فعلتُ ذلك ابتغاءَ وجهك فافْرُج عنا ما نحن فيه، فانفرجَتِ الصخرة، غير أنهم لا يستطيعون الخروج منها، قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم-: وقال الثالث: اللهم استأجَرْتُ أُجَرَاءَ، وأعطيتُهم أجرَهم، غير رَجُل واحد، تَركَ الذي له وذهب، فَثَمَّرتُ أجْرَهُ حتى ⦗٣١٦⦘ كَثُرَتْ منه الأموال، فجاءني بعد حين، فقال: يا عبد الله، أدِّ إليَّ أجري، فقلت: كلُّ ما ترى من أجْرِكَ، من الإبل والبقر، والغنم، والرقيق، فقال: يا عبد الله، لا تستهزئُ بي، فقلتُ: إني لا أستهزئُ بك، فأخذه كلَّه، فاسْتاقه، فلم يتركْ منه شيئاً، اللهم فإن كنتُ فعلتُ ذلك ابتغاءَ وجهك فافْرُج عنا ما نحن فيه، فانفرجتِ الصخرة، فخرجوا يمشون» .

وفي رواية: أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- قال: «بينما ثلاثة نَفَر ممن قبلكم يمشون، إذ أصابهم مَطَر، فأَوَوْا إلى غار، فانطبق عليهم، فقال بعضهم لبعض: إنه والله يا هؤلاء لا ينجيكم إلا الصدقُ، فليَدْعُ كلُّ رجل منكم بما يعلم أنه قد صدَق فيه، فقال أحدهم: اللهم إن كنتَ تعلم أنه كان لي أجير عَمِل لي على فَرَق من أَرُزّ، فذهب وتركه، وإني عَمَدْتُ إلى ذلك الفَرَق فزرعته، فصار من أمره إلى أن اشتريتُ منه بقراً، وإنه أتاني يطلب أجره، فقلت له: اعْمِدْ إلى تلك البقر، فَسُقْها، فقال لي: إنما لي عندك فَرَق من أَرُزّ، فقلت له: اعمد إلى تلك البقر، فإنها من ذلك الفَرَق، فساقها، فإن كنت تَعلم أني فعلتُ ذلك من خشيتك ففرّج عنا، فانساحت عنهم الصخرة ... » وذكر باقي الحديث بقريب من معنى ما سبق. أخرجه البخاري ومسلم.

ولهما روايات بنحو ذلك.

وأخرجه أبو داود مجملاً، وهذا لفظه، قال: سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم ⦗٣١٧⦘ يقول: «مَنِ استطاع منكم أن يكونَ مثل صاحب فرَقِ الأرزِّ فليكن مثله، قالوا: ومَنْ صاحب فرق الأرُزِّ يا رسول الله؟ ... فذكر حديث الغار حين سقط عليهم الجبل، فقال كلُّ واحد منهم: اذكروا أحْسَنَ عملكم، قال: فقال الثالث: اللهم إنك تعلم أني استأْجرت أجيراً بِفَرَقِ أرُزّ، فلما أمْسيْتُ عرضتُ عليه حقه، فأبى أن يأخذَهُ وذهب فثمّرْته له، حتى جمعتُ له بَقَراً ورِعاءها، فلقيني، فقال: أعطني حقِّي، فقلتُ: اذهب إلى البقر ورعائها، فخذها، فذهب فاستاقها» لم يخرج أبو داود سوى هذا (١) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]

(الغَبوق) : شراب آخر النهار، والمراد: إنني ما كنت أقدِّم عليهما في شراب حظِّهما من اللبن أحداً.

(يتضاغون) أي: يضجون ويصيحون من الجوع. ⦗٣١٨⦘

(السّنة) : الجدب والقَحْط.

(ألمَّتْ) بها: إذا قرب منها ودنا الجدب.

(فأردتها) : أي راودتها وطلبت منها أن تمكّنني من نفسها.

(تفض) الخاتم: كناية عن الجماع والوطء.

(التحرّج) : الهرب من الحرَج، وهو الإثم والضيق.

(فرَق) الفَرق: مكيال يسع ستة عَشَرَ رِطْلاً.

(فانساحت) بالحاء المهملة، أي: انفسحت وتنحّت.


(١) رواه البخاري ٦ / ٣٦٧ و ٣٦٨ في الأنبياء، باب ما ذكر عن بني إسرائيل، وفي البيوع، باب إذا اشترى شيئاً لغيره بغير إذنه فرضي، وفي الإجارة، باب من استأجر أجيراً فترك أجره فعمل فيه المستأجر فزاد، وفي الحرث والمزارعة، باب إذا زرع بمال قوم بغير إذنهم، وفي الأدب، باب إجابة دعاء من بر والديه، ومسلم رقم (٢٧٤٣) في الذكر، باب قصة أصحاب الغار الثلاثة، وأبو داود رقم (٣٣٨٧) في البيوع، باب في الرجل يتجر في مال الرجل بغير إذنه.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه أحمد (٢/١١٦) (٥٩٧٣) قال: حدثنا مروان بن معاوية، قال: حدثنا عمر بن حمزة العمري. والبخاري (٣/١١٩) قال: حدثنا أبو اليمان، قال: أخبرنا شعيب، عن الزهري. ومسلم (٨/٩١) قال: حدثني محمد بن سهل التميمي، وعبد الله بن عبد الرحمن بن بهرام، وأبو بكر بن إسحاق، قال ابن سهل: حدثنا، وقال الآخران: أخبرنا أبو اليمان، قال: أخبرنا شعيب، عن الزهري. وأبو داود (٣٣٨٧) قال: حدثنا محمد بن العلاء، قال: حدثنا أبو أسامة، قال: حدثنا عمر بن حمزة.
كلاهما - عمر بن حمزة، والزهري - عن سالم بن عبد الله، فذكره.

<<  <  ج: ص:  >  >>