للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الأصل في الرواية والتبليغ والإخبار.

[المرتبة الثانية]

أن يقول الصحابي: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: كذا، أو حدَّثنا، أو أخبرنا بكذا، وكذلك غير الصحابي عن شيخه، فهذا ظاهره النقل، وليس نصاً صريحاً، إذ قد يقول الواحد منا: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: اعتماداً على ما نُقل إليه وإن لم يسمعه منه، فلا يستحيل أن يقول الصحابي ذلك اعتماداً على ما بلغه تواتراً أو على لسان من يثق إليه، ألا تري أن ابن عباس روى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إنما الربا في النَّسيئة» (١) فلما روجع فيه قال: سمعته من أسامة بن زيد، وكذا غيره من الصحابة.

وهذا النوع وإن كانت محتملاً، فهو بعيد لاسيما في حق الصحابي فإن الصحابي إذا قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فالظاهر من حاله أنه لم يقله إلا وقد سمعه، بخلاف من لم يعاصر النبي - صلى الله عليه وسلم -، لأن قرينة حاله تُعرِّف أنه لم يسمع، ولا يُوهم قوله السماع، والصحابي يوهم قوله السماع،


(١) أخرج البخاري ٤/٣٠٣ ومسلم ١٢/٢٦ أن أبا سعيد الخدري لقي ابن عباس، فقال له: أرأيت قولك في الصرف أشيئاً سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، أم شيئاً وجدته في كتاب الله عز وجل؟ فقال ابن عباس: كلا لا أقول. أما رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنتم أعلم به، وأما كتاب الله فلا أعلمه، ولكن حدثني أسامة بن زيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ألا إنما الربا في النسيئة ". وإنما قال ابن عباس لأبي سعيد: فأنتم أعلم به لكون أبي سعيد وأنظاره كانوا أسن منه، وأكثر ملازمة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي السياق دليل على أن أبا سعيد وابن عباس متفقان على أن الأحكام الشرعية لا تطلب إلا من الكتاب والسنة.

<<  <  ج: ص:  >  >>