وعلى ذلك جماعة من أئمة الحديث، لا يرون إبدال اللفظ ولا تغييره، حتى إنهم يسمعونه ملحوناً ويعلمون ذلك، ولا يغيِّرونه، وذلك هو الأحوط في الدِّين، والأتقى والأولى.
ولكن أكثر العلماء على خلافه، والقول بالجواز وهو الصحيح، فإن الحديث كذا وصل إليهم، مختلِفَ الألفاظ، مُتَّفِقَ المعنى، ونعلم قطعاً في أحاديث كثيرة ذكرها النبي - صلى الله عليه وسلم - وقت واحد، ونقلها الصحابة بألفاظهم المختلفة.
وسنورد فيما بعد من هذه المقدمة فصلاً ذكره الإمام أبو عبد الله الحُميدي - رحمه الله - في آخر كتابه ما يدل على ذلك وعلى سببه، والعذر فيه، إن شاء الله تعالى.
[النوع الثالث: في رواية بعض الحديث]
رواية بعض الحديث ممتنعة عند أكثر من منع نقل الحديث بالمعنى.
ومن جوَّز نقل الحديث بالمعنى جوَّز ذلك، إن كان قد رواه مرة بتمامه، ولم يتعلق المذكور بالمتروك تعلقاً يغيِّر معناه، فأما إذا تعلَّق به، كشرط العبادة أو ركنيها، أو ما به التمام، فنقل البعض تحريف وتلبيس، أما إذا روى الحديث مرة تامّاً، ومرة ناقصاً نقصاً لا يغيِّر معنىً، فهو جائز، ولكن بشرط أن لا يتطرق إليه سوء الظنِّ بالتهمة.
وما العجب إلا ممن منع من ذلك، وقد رأى كتب الأئمة ومصنفاتهم