للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[الفصل الثاني: في أحكام البيعة]

٤٣ - (خ م ت س) عبادة بن الصامت - رضي الله عنه - قال: «كُنّا مَعَ رسول الله في مَجلس، فقال: «تُبايعوني على ألا تُشركُوا بالله شيئًا، ولا تَسْرِقوا، ولا تَزْنُوا، ولا تَقتُلوا النُّفْسَ الَّتي حرَّمَ الله إلا بالحقِّ» .

وفي رواية: «ولا تَقْتُلوا أولادكم، ولا تأتوا ببهتان تَفترونه بين أيديكم وأرجلكم، ولا تَعصوني في معروف، فمنْ وفَّى منكم فأجرُهُ على الله، ومنْ أصاب شيئًا من ذلك فعوقب به في الدنيا فهو كفّارة له وطهْر، ومَن أصاب شيئًا من ذلك فستَره الله عليه، فأمْرُه إلى الله، إن شاءَ عَفَا عنه، وإن شاءَ عَذَّبَهُ» . قال: فبايَعناه على ذلك.

وفي أخرى، فَتَلَا علينا آية النِّساءِ: {ألا يُشْرِكْنَ بالله شيئًا ... } الآية [الممتحنة: الآية ١١] .

وفي أخرى: إنِّي لَمِنَ النُّقَبَاءِ، الَّذين بايَعُوا رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، بايعْنَاهُ ⦗٢٥١⦘ على ألا نُشْرِكَ بالله شَيْئًا، وذكَرَ نَحْوَه.

وزاد: «ولا ننْتَهِبَ ولا نَعْصِي بالجَنَّةِ، إنْ فَعَلْنَا ذَلِكَ، فإنْ غَشينَا من ذلك شيئًا، كان قَضاءُ ذلك إلى الله عزَّ وجلَّ» . هذا لفظ البُخاري ومُسلم.

وفي رواية لمسلم قال: أخذ علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، كما أخذ على النساء: ألا نُشرك بالله شيئًا، ولا نَسْرِقَ، ولا نَزنيَ، ولا نَقْتُلَ أولادَنا، ولا يَعْضَهَ بَعْضُنا بعضًا» ثم ذكر نحوَه، ووافقهما الترمذي على الرواية الأولى.

وأخرجه النسائي. قال: بايَعْتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -[ليلة العقبة] (١) في رهط، فقال: «أبايعكم على ألا تُشْرِكوا بالله شيئًا، ولا تَسْرِقُوا، ولا تَزْنُوا، [ولا تَشربُوا] (٢) ، ولا تَقْتُلوا أولادَكم، ولا تأتوا ببتهان تفترونه بين أيديكم وأرجلكم، ولا تعصوني في معروف، فمن وفَّى منكم فأجره على الله، ومن أصاب من ذلك شيئًا فأُخِذ به في الدنيا، فهو كفارةٌ له وطهورٌ، ومَنْ سَتَرَهُ الله، فذلك إلى الله، إن شاء عذَّبه، وإن شاءَ غَفَرَ لَهُ (٣) » . ⦗٢٥٢⦘ وله في أخرى نحو الرواية الأولى.

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]

بُهْتَان: البُهتان: الكذب، وهو في الآية والحديث: كناية عن ولد الزنا، يريد: أنَّ المرأة لا تأتي بولدٍ من غير بعلها، فتنسبه إلى بعلها.

تفترونه: الافتراء: الكذب.

معروفٍ: كل ما ندب إليه الشرع، أو نهى عنه من المحَسَّنات والمقبَّحات.

البيعة: المعاقَدةُ على الإسلام، والإمامة، والإمارة، والمُعاهدَةُ على كل ما يقع عليه اتفاق، والمراد بها في الحديث: المعاقدة على الإسلام، وإعطاء العهود به.

النقباء: جمع نَقيب، وهو عَريف القوم والمقدَّم عليهم، الذي يتعرَّف أخبارهم، ويُنَقِّبُ عن أحوالهم، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - قد جعل ليلة العَقَبَة كل واحدٍ من الجماعة الذين بايعوه نقيبًا على قومه وجماعته، ليأخذوا ⦗٢٥٣⦘ عليهم الإسلام، ويُعَرِّفُوهُم شرائطه، وكان عُبادة بن الصامت من جملتهم، وكان عدد النقباء ليلتئذ اثني عشر نقيبًا من الأنصار.

يَعْضَه: عضهتُ الرجل: رميته بالعضيهة، وهي الكذب والبهتان.

العَقَبة: هي عقبةُ مِنى تُرمى بها الحجرةُ في الحج، وهما ليلتان: ليلة العقبة الأولى، وليلة العقبة الثانية من قابل، وكانت البيعة في شعْب قريب من العقبة، وبه الآن مسجدٌ يعرف بموضع البيعة.

الرَّهْطُ: الجماعة من الناس، من الثلاثة إلى التسعة، قال الجوهري: لا تكون فيهم امرأة.

فأُخذ به: أُخذ به فلان، يعني بذنبه: أي عوقب به وجوزي عليه.

الكفارة: الفعلة التي من شأنها أن تكفِّر الخطيئة، أي تَسْتُرُها، وهي فَعَّالة منه.


(١) هذه الزيادة لم نجدها في " سنن النسائي " ولا نحسبها تصح، لأن هذه البيعة كانت بعد الهجرة بزمن كما حققه الحافظ في " الفتح ".
(٢) هذه الزيادة جاءت في الأصل ولم ترد في سنن النسائي.
(٣) البخاري ١/٦٠ - ٦٥، في الإيمان باب علامة الإيمان حب الأنصار وفي تفسير سورة الممتحنة ٨/٤٩٠. ومسلم رقم (١٧٠٩) في الحدود: باب الحدود كفارات لأهلها. والترمذي رقم (١٤٣٩) في الحدود باب الحدود كفارة لأهلها. والنسائي ٧/١٤٨ في البيعة: باب البيعة على فراق المشرك، تنبيه: قال الحافظ في " الفتح " ١/٥٧: واعلم أن عبادة بن الصامت لم ينفرد بروايته هذا المعنى، بل روى ذلك علي بن أبي طالب، وهو في الترمذي، وصححه الحاكم، وفيه " من أصاب ذنباً فعوقب به في الدنيا، فالله أكرم من أن يثني العقوبة على عبده في الآخرة ". وهو عند الطبراني، بإسناد حسن، من حديث أبي تميمة الهجيمي ⦗٢٥٢⦘ ولأحمد من حديث خزيمة بن ثابت بإسناد حسن، ولفظه " من أصاب ذنباً أقيم عليه ذلك الذنب، فهو كفارة له "، وللطبراني عن ابن عمرو مرفوعاً: " ما عوقب رجل على ذنب إلا جعله الله كفارة لما أصاب من ذلك الذنب "، ويستفاد من ذلك الحديث أن إقامة الحد كفارة للذنب ولو لم يتب المحدود، وهو قول الجمهور، وقيل: لابد من التوبة، وبذلك جزم بعض التابعين، وهو قول للمعتزلة، ووافقهم ابن حزم، ومن المفسرين البغوي، وطائفة يسيرة، واستدلوا باستثناء من تاب في قوله تعالى: {إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم} والجواب في ذلك أنه في عقوبة الدنيا ولذلك قيدت بالقدرة عليه.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: رواه عن عبادة - رضي الله عنه - أبو إدريس الخولاني:
١ - أخرجه الحميدي (٣٨٧) ، وأحمد (٥/٣١٤) ، والبخاري (٦/١٨٧) ، قال: حدثنا علي بن عَبد الله، وفي (٨/١٩٨) قال: حدثنا محمد بن يوسف. ومسلم (٥/١٢٦) قال: حدثنا يحيى بن يحيى التميمي، وأبو بكر بن أبي شَيبة، وعَمرو الناقد، وإسحاق بن إبراهيم، وابن نُمير. والترمذي (١٤٣٩) قال: حدثنا قُتيبة. والنسائي (٧/١٦١، ٨/١٠٨) قال: أخبرنا قُتيبة. عشرتهم - الحميدي، وأحمد، وعلي، وابن يوسف، ويحيى، وأبو بكر، والنَّاقد، وإسحاق، وابن نُمير، وقُتيبة - عن سُيان بن عُيَيْنَة.
٢ - وأخرجه أحمد (٥/٣٢٠) قال: حدثنا محمد بن جعفر. وفي (٥/٣٢٠) ، قال: قال عبد الرزاق. والبخاري (٨/٢٠١، ٩/١٦٩) قال: حدثنا عبد الله بن محمد الجعفي، قال: حدثنا هشام بن يوسف. ومسلم (٥/١٢٧) ، قال: حدثنا عَبد بن حُميد، قال: أخبرنا عبد الرزاق. والنسائي (٧/١٤٨) ، قال: أخبرنا يعقوب بن إبراهيم، قال: حدثنا غُنْدَر.
ثلاثتهم - محمد بن جعفر، غُندَر، عبد الرزاق، وهشام- عن مَعْمَر.
٣ - وأخرجه الدارمي (٢٤٥٧) ، قال: حدثنا عثمان بن عُمر، قالك حدثنا يُونس.
٤ - وأخرجه البخاري (١/١١) ، (٥/١٠٤) ، (٩/٩٩) قال: حدثنا أبو اليمان، قال: أخبرنا شُعيب.
٥ - وأخرجه البخاري (٥/٧٠) قال: حدثنا إسحاق بن منصور، قال: أخبرنا يعقوب بن إبراهيم، قال: حدثنا ابن أخي ابن شهاب.
٦ - وأخرجه النسائي (٧/١٤١) ، قال: أخبرنا عُبيد الله بن سَعد بن إبراهيم بن سَعد، قال: حدثني عَمِّي، قال: حدثنا أبي، عن صالح.
ستتهم - ابن عُيَيْنَة، ومَعمر، ويُونس، وشعيب، وابن أخي ابن شهاب، وصالح- عن الزهري، عن أبي إدريس الخولاني، فذكره.
* أخرجه النسائي (٧/١٤٢) قال: أخبرني أحمد بن سعيد، قال: حدثنا يعقوب، قال: حدثنا أبي، عن صالح بن كيسان، عن الحارث بن فُضيل، أن ابن شهاب حدثه، عن عُبادة، فذكره (ليس فيه أبو إدريس الخولاني) وزاد فيه الحارث بن فُضيل.

<<  <  ج: ص:  >  >>