للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[الفرع الثالث: فيما يقوله زائر القبور]

٨٦٧٠ - (م ط س) محمد بن قيس بن مخرمة قال يوماً: ألا أُحدِّثكم عنِّي وعن أُمِّي؟ فظننا أنَّه يريد أمَّه التي ولدتُهُ، قال: قالت عائشةُ أُمُّ المؤمنين: «ألا أُحدِّثُكم عني وعن رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم-؟ قلنا: بلى، قال: قالت: لمَّا كانت ليلتي التي [كان] النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- فيها عندي، انقلب فوضع رداءه، وخلع نعليه فوضعهما عند رجليه، وبسط طَرَف إزاره على فراشه فاضطجع، فلم يلبث إلا رَيثما ظَنَّ أني قد رَقَدْتُ، فأخذ رداءه رُوَيداً، وانتعل رويداً، وفتح الباب رويداً، فخرج، ثم أجافه رُويداً، وجعلتُ دِرْعي في رأسي، واختمَرتُ، وتَقَنَّعْتُ إزاري، ⦗١٥٥⦘ ثم انطلقت على إثْره، حتى جاء البقيع، فقام فأطال القيام، ثم رفع يديه - ثلاث مرات - ثم انحرف فانحرَفْتُ، فأسْرَع، فأسرَعتُ، فهروَل، فهرولتُ، فأحَضر، فأحضَرْتُ، فسبقته فدخلتُ، فليس إلا أن اضطجعتُ، فدخل فقال: مالك يا عائشةُ؟ حَشْيا رابية، قالت: قلت: لا شيء، قال: لَتُخْبرِيني أو لَيُخْبِرنِّي اللطيف الخبير، قالت: قلت: يا رسولَ الله، بأبي أنت وأُمي، فأخبرتُه، فقال: فأنتِ السَّوادُ الذي رأيتُ أمامي؟ قلت: نعم، فلَهَزَني في صدري لَهْزَة (١) أوجعتني، ثم قال: أظننتِ أن يَحيفَ الله عليكِ ورسولُه؟ قلتُ: مهما يكتم الناس يعلمه الله، نعم، قال: فإن جبريل عليه السلام أتاني حين رأيت، فناداني، فأخفاه منكِ، فأجبته، فأخفيته منكِ، ولم يكن يدخل عليك وقد وضعت ثيابكِ، فظننتُ أن قد رقدتِ، وكرِهْتُ أن أُوقِظَكِ، وخشيتُ أن تستوحشي، فقال: إنَّ رَبكَ يأمركَ أن تأتيَ أهل البقيع، فتستغفر لهم، قالت: قلتُ: فكيف أقول يا رسولَ الله؟ قال: قولي: السلام على أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، ويرحم الله المستقدمين منا والمستأخِرين، وإنَّا إن شاء الله [بكم] للاحقون» أخرجه مسلم والنسائي.

وفي رواية الموطأ مختصراً، قالت: «قام رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- ذات ليلة، فلبس ثيابه، ثم خرج، فأمرتُ جاريتي بَريرةَ تَتْبعه، فتبِعَتْه حتى جاء البقيع، فوقف في أدناه ما شاء الله أن يقف، ثم انصرف فسبقتْه، فأخبرتني، فلم أذكر ⦗١٥٦⦘ له شيئاً حتى أصبح، ثم ذكرتُ ذلك له، فقال: إني بُعثت إلى أهل البقيع لأُصَلِّيَ عليهم» .

وأخرج النسائي رواية الموطأ.

ولمسلم والنسائي أيضاً قالت: «كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- كلَّما كان ليلتي منه يخرج من آخر الليل إلى البقيع، ويقول: السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وأتاكم ما توعدون، غداً مُؤَجَّلون، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، اللهم اغفر لأهل بَقيع الغَرقُدِ» .

هذه الرواية الآخرة: قد أفردها الحميديُّ عن الأولى، وجعلها حديثين، وهما حديث واحد، إلا أن الأولى فيها زيادة بَسْط، وإن كان قد اجتمعا في معنى زيارة البقيع.

وعند النسائي فيها «السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وإنَّا وإياكم متواعدون غداً ومواكلون» (٢) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]

(ريثاً) الرَّيثُ: الإبطاء، والمراد: مقدار ما مشى.

(رويداً) رويداً: إذا مشى على مهل. ⦗١٥٧⦘

(أجافه) أَجَفْتُ الباب: إذا أغلقتَهُ.

(فأحضر) أحضَر يُحْضِر: إذا غدا، والحُضْر: العَدْو.

(حشياً رابيةً) الحشا: الربو، وهو ما يعرض للمسرع في مشيه والمحتدَّ في كلامه، من ارتفاع النفَس وتواتره، يقال: رجل حشيان، وحَشٍ، وامرأة حَشْياً وَحشِية، والرابية: اسم فاعل من الربو وهو ارتفاع النفَس.

(فلهزني) اللَّهْز: الدَّفْع في الصدر بجميع الكفِّ.


(١) في نسخ مسلم المطبوعة: فلهدني لهدة، بالدال.
(٢) رواه مسلم رقم (٩٧٤) في الجنائز، باب ما يقال عند دخول المقابر، والنسائي ٤ / ٩١ - ٩٤ في الجنائز، باب الأمر بالاستغفار للمؤمنين، والموطأ ١ / ٢٤٢ في الجنائز، باب جامع الجنائز.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه أحمد (٦/٢٢١) . ومسلم (٣/٦٤) قال: حدثني من سمع حجاجا الأعور. كلاهما - أحمد بن حنبل، ومن سمع حجاجا - عن حجاج بن محمد الأعور. قال: حدثنا ابن جريج. قال: أخبرني عبد الله- رجل من قريش-، عن محمد بن قيس بن مخرمة بن المطلب، فذكره.
(*) وأخرجه مسلم (٣/٦٣) قال: حدثني هارون بن سعيد الأيلي. والنسائي (٧/٧٢) قال: أخبرنا سليمان بن داود. كلاهما - هارون، وسليمان - عن عبد الله بن وهب. قال: أخبرنا ابن جريج، عن عبد الله بن كثير بن المطلب، أنه سمع محمد بن قيس، فذكره.
(*) وأخرجه النسائي (٤/٩١) و (٧/٧٣) قال: أخبرنا يوسف بن سعيد. قال: حدثنا حجاج، عن ابن جريج. قال: أخبرني عبد الله بن أبي مليكة، أنه سمع محمد بن قيس بن مخرمة، فذكره.

<<  <  ج: ص:  >  >>