قد أكثر النَّاقلون صفاته - صلى الله عليه وسلم- مجموعة ومتفرّقة، وقد تقدَّم في كتابنا من صفاته ما ذكر في أبوابه، وأحسن ما سمعت وأتمّ ما رأيت في صفته مجموعاً في حديث واحد ما أورده الإمام أبو عيسى محمد بن عيسى الترمذي - رحمه الله - في «كتاب الشمائل»(١) عن الحسن بن علي بن أبي طالب قال: سألت خَالي هند بن أبي هالة ⦗٩٥⦘ وكان وصّافاً عن حِلْيَةِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم-، وأنا أشتهي أن يصف لي منها شيئاً أتعلق به، فقال:
«كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- فَخْماً مُفَخَّماً، يتلألأ وجهه تلألؤ القمر ليلة البدر، أطول من المَرْبُوع وأقصر من المُشَذَّب، عظيم الهامة، رجِلَ الشَّعْر، إن انفرقت عقيقته فَرَق، وإلا لا يجاوز شعره شحمة أذُنَيْه إذا هو وفَّرَهُ، أزهر اللون، واسع الجَبين، أزّ الحواجب سوابغ في غير قَرن بينهما عِرْق يدرّه الغضب، أقنى العِرنين، له نور يعلوه يحسُّه من لم يتأمّله، أشمّ، كثّ اللحية، سَهْلَ الخدّين، ضليع الفم، مفلَّجّ الأسنان، دقيق المَسْرُبة، كأن عنقه جِيد دُمية، في صفاء الفضة، معتدل الخَلْق، بادناً متماسكاً، سواء البطن والظهر، عريض الصّدر، بعيد ما بين المنكبين، ضخم الكَراديس، أنور المتجرَّد، موصول ما بين السُّرَّة واللّبة بشعر يجري كالخط، عاري الثّديين والبطن عما سوى ذلك، أشعر الذّراعين والمنكبين وأعالي الصّدر، طويل الزَّندين، رحب الرّاحة، شثْن الكفين والقدمين، سائل الأطراف، [[أو قال شائل الأطراف]] خمصان الأخمصين، مسيح القدمين ينبو عنهما الماء، إذا زال [[زال]] قلعاً، يخطو تَكَفُّؤاً ويمشي هوناً، وديع المشية، إذا مشى كأنما ينحطّ من صَبَب، وإذا التفت التفت جميعاً، خافض الطرف، نظره إلى الأرض أطول من نظره إلى السَّماء، جُل نظره الملاحظة، يشوقُ أصحابه، يَبْدأ من لقي بالسّلام» .
هذا الذي أورده الترمذي في كتاب «الشمائل» .
ورأيت في موضع آخر في هذا الحديث زيادة فذكرتها، وهي «يتكلم بجوامع الكلم فصلاً لا فضول ولا تقصير، وإذا غضب أعرض وأشاح، جلُّ ضحكه التّبسم ويفترّ عن مثل حبّ الغَمَام، - صلى الله عليه وسلم-» .
(١) رواه في الشمائل رقم (٧) ، باب ما جاء في خَلق رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو حديث ضعيف بهذا السياق. انظر ضعيف الجامع رقم (٤٤٧٦) ، ولكنه صح مجزءاً من أحاديث عدد من الصحابة. انظر صحيح الجامع الصغير (٤٦٨٩ و ٤٦٩٥ و ٤٦٩٦ و ٤٦٩٧) ، وانظر " الأحاديث الصحيحة " رقم (٢٠٥٢) للألباني.