للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[بعث أسامة بن زيد]

إلى الحُرَقات (١) من جهينة

٦١٤٠ - (خ م د) أبو ظبيان (٢) [حصين بن جندب] قال: سمعتُ أُسامةَ بنَ زيد يقول: «بَعَثَنا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- إِلى الحُرَقَةِ، فَصَبَّحْنَا القومَ فهزمناهم، ولَحِقتُ أنا ورجُل من الأَنصار رجلاً منهم، فلما غَشِيناه، قال: لا إِله إِلا الله، فَكفَّ [عنه] الأنصاريُّ، وطعَنْتُهُ بِرُمْحِي، حتى قتلتُه، فلما قَدِمْنا، بلغَ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم-، فقال: يا أُسامةُ، أقتلتَهُ بعدما قال: لا إِله إِلا ⦗٣٥٦⦘ الله (٣) ؟ قلتُ: إِنما كان متعوِّذاً، فقال: أقتلتَهُ بعدما قال: لا إِله إِلا الله؟ فما زالَ يُكرِّرُها حتى تمنيتُ أَنّي لم أكنْ أسلمتُ قبلَ ذلك اليومِ» .

وفي رواية قال: «بعثنا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - في سرَّية، فَصبَّحْنا الحُرَقَات من جُهينة، فأدركتُ رجلاً، فقال: لا إله إلا الله، فطعنتُه، فوقع في نفسي من ذلك، فذكرتُه للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم-، فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم-: أقال: لا إله إلا الله وقتلتَهُ؟ قال: قلتُ: يا رسولَ الله، إنما قالها خوفاً من السِّلاح، قال: أَفلا شَقَقْتَ عَنْ قَلْبِهِ، حتى تعلم أقالها، أم لا؟ فما زال يكرِّرُها عليَّ، حتى تمنيتُ أني أسلمتُ يومئذ، قال: فقال سعد: وأنا والله لا أقتل مسلماً حتى يقتله ذُو البُطَين - يعني: أسامةَ - قال: فقال رجل: ألم يقل الله: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ ويَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ} [الأنفال: ٣٩] ؟ فقال سعد: قد قاتلْنا حتى لا تكونَ فتنة، وأنتَ وأصحابُك تريدون أن تقاتِلوا حتى تكونَ فتنة» أخرجه البخاري ومسلم.

وأخرج أبو داود نحو الأولى، ولم يذكر الأنصاريَّ، وإنما قال: «فضربناه حتى قتلناه» (٤) . ⦗٣٥٧⦘

قلتُ: هذا سعد المذكور في الحديث هو سعدُ بن أبي وقَّاص، وسبب هذا القول من سَعْد، أن أسامةَ لما سمع هذا القول من رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم- لم يُقاتِلْ مسلماً، ولا شهدَ شيئاً من الفِتَنِ الحادِثَةِ بين الصحابة، وكذلك سعد اعتزل عن الفِتَنِ، فلم يشهدْ منها شيئاً، وقال: إنني لا أَقْتُلُ إلا من يقتُلُه أسامةُ، وليس لقوله هذا في الحديث مَدْخَل، ولا له به تَعَلُّق.

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]

(غَشِيناه) أدركناه ولحقناه، كأنهم أتَوهُ من فَوقه.

(مُتعوِّذاً) المُتَعوِّذُ: الملتجِئ خوفاً من القتل.


(١) بضم الحاء وفتح الراء بعدها قاف، نسبة إلى الحرقة، واسمه جهيش بن عامر بن ثعلبة بن مودعة بن جهينة، تسمى الحرقة لأنه حرق قوماً بالقتل فبالغ في ذلك.
(٢) قال النووي: أهل اللغة، يفتحون الظاء، من ظبيان، وأهل الحديث يكسرونها.
(٣) قال الحافظ في " الفتح ": قال ابن التين: في هذا اللوم تعليم وإبلاغ في الموعظة حتى لا يقدم أحد على قتل من تلفظ بالتوحيد، وقال القرطبي: في تكرير ذلك والإعراض عن قبول العذر زجر شديد عن الإقدام على مثل ذلك.
(٤) رواه البخاري ٧ / ٣٩٨ في المغازي، باب بعث النبي صلى الله عليه وسلم أسامة بن زيد إلى ⦗٣٥٧⦘ الحرقات من جهينة، وفي الديات، باب قول الله تعالى: {ومن أحياها} ، ومسلم رقم (٩٦) في الإيمان، باب تحريم قتل الكافر بعد أن قال: لا إله إلا الله، وأبو داود رقم (٢٦٤٣) في الجهاد، باب على ما يقاتل المشركون.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه البخاري في المغازي (٤٦) عن عمرو بن محمد الناقد، وفي الديات (٢) عن عمرو بن زرارة النيسابوري - كلاهما عن هشيم، عن حصين، عن أسامة بن زيد، ومسلم في الإيمان (٤٠: ٥) عن يعقوب الدورقي، عن هشيم، عن حصين، عن أسامة بن زيد، و (٤٠: ٤) عن أبي بكر عن أبي خالد الأحمر، و (٤٠: ٤) عن إسحاق وأبي كريب، كلاهما عن أبي معاوية - كلاهما عن الأعمش، عن أبي ظبيان، عن أسامة، وأبو داود في الجهاد (١٠٤) عن الحسن بن علي، وعثمان بن أبي شيبة، كلاهما يعلى بن عبيد، عن الأعمش، عن حصين بن جندب، عن أسامة. الأشراف (١/٤٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>