للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الفصل الثاني من باب الغسل: في غسل الحائض والنفساء

٥٣٥٨ - (خ م د س) عائشة - رضي الله عنها - «أن امرأة من الأنصار سألت النبيَّ - صلى الله عليه وسلم- عن غسلها من المحيض، فأمرها كيف تغتسل، ثم قال: خُذي فِرْصَة من مِسْك، فتطهَّري بها، قالت: كيف أتطهَّر بها؟ قال: تطهري بها، قالت: كيف أتطهَّر بها؟ قال: سبحان الله! تطهري بها، فاجْتَذَبْتُها إليَّ فقلت: تتَّبعي بها أثَرَ الدم» .

ومن الرواة من قال فيه: «خذي فِرصة مُمَسَّكَة، فتوضَّئي بها ثلاثاً، ثم إن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم- اسْتَحْيَى، وأعْرَض بوجهه، وقال: توضئي بها، فأخذتُها فاجتذبتُها، فأخبرتُها بما يُريد النبيُّ - صلى الله عليه وسلم-» أخرجه البخاري ومسلم.

ولمسلم عن عائشة: «أن أسماء سألت النبيَّ - صلى الله عليه وسلم- عن غسل المحيض، فقال: تأخذ إحداكن ماءَها وسِدْرَتَها، فتطهَّر فتحسن الطُّهُورَ، ثم تصبُّ على رأسها، فَتدْلُكه دَلْكاً شديدَاً، حتى تبلغ شُؤون رأسها، ثم تصبُّ عليه الماء، ثم تأخذ فِرصة مُمْسَّكة، فتَطَهَّر بها، فقالت أسماء: فكيف تطهَّر بها؟ قال: سبحان الله! تطهري بها، قالت عائشة - كأنها تُخفي ذلك ⦗٣١٩⦘: تَتَّبِعِين بها أثر الدم، وسألته عن غسل الجنابة، فقال: تأخذ ماء، فتطهر، فتُحسن الطُّهور - أو تبلغ الطهور - ثم تصب على رأسها، فتدلكه حتى يبلغ شُؤون رأسها، ثم تفيض عليها الماء، فقالت عائشة: نِعمَ النساء نساءُ الأنصار لم يكن يمنعهن الحياءُ أن يَتَفَقَّهنَ في الدين» .

وفي أخرى: «دخلت أسماء بنت شَكل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم-، فقالت: يا رسول الله، كيف تغتسل إحدانا إذا طَهُرَتْ من الحيض ... وساق الحديث» ولم يذكر فيه غسل الجنابة.

وفي أخرى بهذا: «قال: سبحان الله! تطهَّري بها، واسْتَتَر» .

وأخرج النسائي نحو الرواية الأولى، وفيها «واستتر» ، ونحو الرواية الثانية.

وأخرج أبو داود نحو رواية مسلم بطولها.

وله في أخرى قالت: دخلت أسماءُ على رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم-، فقالت: كيف تغتسل إحدانا إذا طهرت من المحيض؟ فقال: تأخذ سِِدرَها وماءها فتوضأ، ثم تغسل رأسها، وتدلكه حتى يبلغ الماءُ أُصول شعرها، ثم تفيض على جسدها، ثم تأخذ فِرصتها فتطهَّر بها، فقالت: يا رسول الله، كيف أتطهَّر بها؟ قالت عائشة: فعرفت الذي يكني عنه النبيُّ - صلى الله عليه وسلم-، فقلت لها: تَتَبَّعين آثار الدم.

وفي أخرى «أن عائشة ذكرت نساءَ الأنصار، فأثْنَت عليهن، وقالت ⦗٣٢٠⦘ لهنَّ معروفاً، وقالت: دخلت امرأة منهنَّ على رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ... فذكر معناه، إلا أنه قال: فِرصة ممسَّكة» قال مُسدَّد: كان أبو عوانة يقول: «فِرصة» وكان أبو الأحوص يقول «قََرْصة» (١) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]

(فِرْصَةً من مِسْك) بكسر الفاء: قطعة من صوف أو قطن أو خرقة من الفَرْص: القَطْع، وقوله: «من مسك» [ظاهره: أن الفِرْصَة من المسك:] أي قطعة منه، وعليه المذهب وقول الفقهاء: إن الحائض بعد انقطاع دم الحيض إذا اغتسلت أخذت يسيراً من مسك، فَتُطَيِّب به مواضع الدم ليذهب ريحُه، قالوا: والفرصة: القطعة من كل شيء، وأهل اللغة لم يطلقوا هذا القول، وإن كان القياس يقتضيه؛ لأنه من الفَرْص: القطع، فإن لم تجد المسك فتأخذ طيباً غيره، هذا من سنن غسل الحيض عند الفقهاء، لأجل الحديث، وكذلك قوله: «فرصة ممسَّكة» أي مطيَّبة بالمسك، وهو ظاهر في اللغة، أي: تأخذ قطعة من صوف أو قطن أو خِرْقة فتطيّبها بمسك، وتَتَبَّع ⦗٣٢١⦘ بها أثر الدم، فيحصل منه الطِّيب، والتَّنْشِيف: إزالة أثر الدم بالمسح، وهذه الرواية أوضح من الأولى وأبين، واتفق عليها البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي، والأولى لم يخرّجها أبو داود، وقد حكى أبو داود في روايته عن بعضهم «قَرْصَة» بالقاف، يعني شيئاً يسيراً يؤخذ من المسك، مثل القَرْصة بأطراف الإصبعين، ولكنه لم يذكر «من المسك» وإنما أورده في آخر حديثه الذي ذكر فيه «فِرصة ممسَّكة» قال: قال مسدَّد: كان أبو عَوَانة يقول: «فِرصة» وكان أبو الأحوص يقول: «قرصة» ، قال الخطابي في شرح حديث أبي داود: وقد تأول بعضهم «الممسَّكة» على معنى الإمساك دون الطيب، يقال: أمْسَكْتُ الشيء ومَسَكْتُه، يريد أنها تُمْسِكُها بيدها فتستعملها، وقال: متى كان المسك عندهم بالحال التي يُمْتَهَن فَيُتَوسَّع في استعماله [[هذا التوسع]] .

قلت: وهذا، وإن كان الحال يناسبه، والأمر على ما قاله، ولكن الصحيح الأول، وهو الذي ذهب إليه الفقهاء والمحدثون من الصدر الأول، وهم أعرف بتأويل الأحاديث ومعانيها، ولا يجوز مخالفتهم لقياس مناسب والأمر محتمل لا حاجة إليه ولا ضرورة تحمل عليه، والله أعلم.

(شؤون رأسها) : مواصل قبائل الرأس ومُلْتَقاها، والمراد: إيصال الماء إلى منابت الشعر، مبالغةً في الغسل.


(١) رواه البخاري ١ / ٣٥٣ و ٣٥٤ في الحيض، باب دلك المرأة نفسها إذا تطهرت في المحيض، وباب غسل المحيض، وفي الاعتصام، باب الأحكام التي تعرف بالدلائل، ومسلم رقم (٣٣٢) في الحيض، باب استحباب استعمال المغتسلة من الحيض فرصة من مسك في موضع الدم، وأبو داود رقم (٣١٤) و (٣١٥) و (٣١٦) في الطهارة، باب الاغتسال من المحيض، والنسائي ١ / ١٣٥ - ١٣٧ في الطهارة، باب ذكر العمل في الغسل من الحيض.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه الحميدي (١٦٧) قال: حدثنا سفيان. وأحمد (٦/١٢٢) قال: حدثنا عفان. قال: حدثنا وهيب. والبخاري (١/٨٥) و (٩/١٣٤) قال: حدثنا يحيى. قال: حدثنا ابن عيينة. وفي (١/٨٦) قال: حدثنا مسلم بن إبراهيم. قال: حدثنا وهيب. وفي (٩/١٣٤) قال: حدثنا محمد - هو ابن عقبة -. قال: حدثنا الفضيل بن سليمان النميري البصري. ومسلم (١/١٧٩) قال: حدثنا عمرو بن محمد الناقد وابن أبي عمر، جميعا عن ابن عيينة. قال عمرو: حدثنا سفيان بن عيينة. (ح) وحدثني أحمد بن سعيد الدارمي. قال: حدثنا حبان. قال: حدثنا وهيب. والنسائي (١/١٣٥) . وفي الكبرى (٢٤١) قال: أخبرنا عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن. قال: حدثنا سفيان. وفي (١/٢٠٧) قال: أخبرنا الحسن بن محمد. قال: حدثنا عفان. قال: حدثنا وهيب.
ثلاثتهم - سفيان بن عيينة، ووهيب بن خالد، والفضيل بن سليمان - عن منصور بن عبد الرحمن، عن أمه صفية بنت شيبة، فذكرته.
وبلفظ: «أن أسماء سألت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الغسل من المحيض ... » .
أخرجه أحمد (٦/١٤٧) قال: حدثنا محمد بن جعفر. قال: حدثنا شعبة. وفي (٦/١٨٨) قال: حدثنا عبد الرحمن وعفان. قالا: حدثنا أبو عوانة. والدارمي (٧٧٩) قال: حدثنا محمد بن يوسف. قال: حدثنا إسرائيل. ومسلم (١/١٧٩ و ١٨٠) قال: حدثنا محمد بن المثنى وابن بشار. قال ابن المثنى: حدثنا محمد بن جعفر. قال: حدثنا شعبة. (ح) وحدثنا عبيد الله بن معاذ. قال: حدثنا أبي. قال: حدثنا شعبة. (ح) وحدثنا يحيى بن يحيى وأبو بكر بن أبي شيبة. كلاهما عن أبي الأحوص. وأبو داود (٣١٤) قال: حدثنا عثمان بن أبي شيبة. قال: أخبرنا سلام بن سليم. وفي (٣١٥) قال: حدثنا مسدد بن مسرهد. قال: أخبرنا أبو عوانة. وفي (٣١٦) قال: حدثنا عبيد الله بن معاذ. قال: أخبرنا أبي، عن شعبة. وابن ماجة (٦٤٢) قال: حدثنا محمد بن بشار. قال: حدثنا محمد بن جعفر. قال: حدثنا شعبة. وابن خزيمة (٢٤٨) قال: حدثنا بندار. قال: حدثنا محمد بن جعفر. قال: حدثنا شعبة.
أربعتهم - شعبة، وأبو عوانة، وإسرائيل، وأبو الأحوص سلام - عن إبراهيم بن مهاجر، عن صفية بنت شيبة، فذكرته.
(*) زاد في رواية أبي عوانة في أول الحديث: «ذكرت «عائشة» نساء الأنصار فأثنت عليهن وقالت لهن معروفا. وقالت: لما نزلت سورة النور عمدن إلى حجز أو حجوز مناطقهن فشققنه، ثم اتخذن منه خمرا ... » .

<<  <  ج: ص:  >  >>