للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[نوع خامس]

٧٩٧٤ - (خ م ت) سعيد بن المسيب، وعطاء بن يزيد الليثي أنَّ أبا ⦗٤٤١⦘ هريرة أخبرهما: «أنَّ الناس قالوا: يا رسولَ الله، هل نرى ربَّنا يوم القيامة؟ قال: هل تمارون في القمر ليلة البدر ليس دونه سَحاب؟ قالوا: لا يا رسولَ الله، قال: فهل تمارون في الشمس ليس دونها سحاب؟ قالوا: لا، قال: فإنكم ترونه كذلك، يُحشَر الناس يوم القيامة، فيقول: من كان يعْبُدُ شيئاً فليتّبع، فمنهم منْ يتبع الشمس، ومنهم من يتَّبع القمر، ومنهم من يتبع الطواغيت، وتبقى هذه الأمَّةُ فيها منافقوها، فيأتيهم الله، فيقول: أنا ربُّكم، فيقولون: هذا مكانُنا حتى يأتينا ربُّنا، فإذا جاء ربُّنا عرفناه، فيأتيهم الله فيقول: أنا ربُكم، فيقولون: أنت ربُّنا؟ فيدعوهم، ويضرب الصراط بين ظهراني جهنم، فأكون أولَ من يجُوزُ من الرُّسلِ بأُمّته، ولا يتكلّم يومئذ أحد إلا الرُّسلُ، وكلام الرُّسُلِ يومئذ: اللهم سلّم سَلّم، وفي جهنم كلاليب، مثل شوكِ السَّعدان، هل رأيتم شوك السعدان؟ قالوا: نعم، قال: فإنها مثلُ شَوك السعدان، غير أنه لا يعلم قدْرَ عِظَمِها إلا الله تعالى، تخطَفُ الناس بأعمالهم، فمنهم من يُوبَق بعمله، ومنهم يُخَرْدَلُ، ثم ينجو، حتى إذا أراد الله رحمة من أراد من أهل النار - وفي رواية: فمنهم المؤمن بقي بعمله، ومنهم المجازى حتى يُنَجَّى - حتى إذا فرغ الله من القضاء بين العباد، وأراد أن يُخرج برحمته من أراد من أهل النار، أمر الملائكة أن يخرجوا من كان يعبد الله، فيخرجونهم، ويعرفونهم بآثار السجود، وحرَّم الله على النار أن تأكل أثر ⦗٤٤٢⦘ السجود، فيُخرجون من النار، [فكلُّ ابن آدمَ تأكله النار، إلا أثر السجود، فيخرجون من النار] قد امتُحِشُوا، فيُصَبُّ عليهم ماء الحياة، فيَنْبتُون كما تَنْبُتُ الحبَّةُ في حَميل السيل، ثم يَفرُغ الله من القصاص (١) بين العباد، ويبقى رجل بين الجنة والنار، وهو آخر أهلِ النار دخولاً الجنة - مقبلٌ (٢) بوجهه قِبَل النار، فيقول: يا ربِّ، اصرف وجهي عن النار، قد قشَبني ريحُها، وأحرقني ذَكاها [فيدعو الله بما شاءَ أن يدعوه] فيقول: هل عسيتَ إن أفعل ذلك أن تسألَ غير ذلك؟ فيقول: لا وعِزَّتِكَ، فيعطي الله ما شاءَ الله من عهد وميثاق، فيصرفُ الله وجهه عن النار، فإذا أقبل بوجهه على الجنة، ورأى بهْجَتها، سكتَ ما شاء الله أن يسكت، ثم قال: يا ربِّ، قدِّمني عند باب الجنة، فيقول الله له: أليس قد أعطيتَ العهود والمواثيق (٣) أن لا تسألَ غير الذي كنتَ سألتَ؟ فيقول: يا رب لا أكون أشقى خلْقكَ، فيقول: فما عَسيتَ إن أعطيْتَ ذلك أن تسأل غيره؟ فيقول: لا وعِزَّتِكَ، لا أسألك غير هذا، فيعطي ربَّه ما شاء من عهد وميثاق، فيقدِّمه إلى باب الجنة، فإذا بلغ بابها، رأى زهرتها وما فيها من النُّضْرة والسُّرور.

- وفي رواية: فإذا قام إلى باب الجنة انفهَقتْ له الجنة، فرأى ما فيها من الحبرة والسرور، فسكت ما شاء الله أن يسكتَ، - فيقول: يا رب ⦗٤٤٣⦘ أدخلني الجنة، فيقول الله: ويحك! يا ابنَ آدم ما أغْدَرَكَ؟ أليس قد أعطيت العهود أن لا تسأل غير الذي قد أُعطيت؟ فيقول: يا رب، لا تجعلني أشقى خلْقِكَ، فيضحك الله منه، ثم يأذنُ له في دخول الجنة، فيقول: تمَنَّ: فيتمنى، حتى إذا انقطع أمنيتُهُ، قال الله تعالى: تمَّن من كذا وكذا - يُذكِّره ربُّه - حتى إذا انتهت به الأماني قال الله: لك ذلك ومثله معه» .

قال أبو سعيد الخدري لأبي هريرة رضي الله عنهما: إنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- قال: «قال الله: لَكَ ذلك وعشرة أمثاله» قال أبو هريرة: لم أحْفَظْ من رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم- إلا قوله «لك ذلك ومثله معه» قال أبو سعيد: إني سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- يقول: لك ذلك وعشرة أمثاله، قال أبو هريرة: وذلك الرجل آخرُ أهل النار دخولاً الجنة.

أخرجه البخاري، وأخرجه مسلم عن عطاء بن يزيد.

وأخرجه عن عطاء وابن المسيب، وقال: قال أبو هريرة: «إنَّ الناس قالوا للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم-: يا رسولَ الله، هل نرى ربَّنا يوم القيامة؟ ... » وساق الحديث بمثله، هكذا قال مسلم، ولم يذكر لفظه، وأخرجه البخاري عن عطاء وحده بنحوه.

وأخرجه الترمذي عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة أخصر من هذا: «أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- قال: يجْمعُ الله الناس يوم القيامة ⦗٤٤٤⦘ في صعيد واحد، ثم يطَّلع عليهم ربّ العالمين، فيقول: ألا لِيَتْبَع كلُّ إنسان ما كان يعبُدُ، فيتمثل لصاحب الصليب صليبه، ولصاحب التصاوير تصاويره، ولصاحب النار ناره، فيتَّبعون ما كانوا يعبدون، ويبقى المسلمون، فيطَّلع عليهم ربُّ العالمين، فيقول: ألا تتَّبِعون الناس؟ فيقولون: نعوذ بالله منك [نعوذ بالله منك] الله ربُّنا، وهذا مكاننا حتى نرى ربَّنا، وهو يأمرهم ويُثَبِّتهم، [ثم يتوارى ثم يطلع، فيقول: ألا تتبعون الناس؟ فيقولون: نعوذ بالله منك نعوذ بالله منك، الله ربُّنا وهذا مكاننا حتى نرى ربّنا، وهو يأمرهم ويثبِّتُهم] قالوا: وهل نراه يا رسولَ الله؟ قال: وهل تضارون في رؤية القمر ليلة البدر؟ قالوا: لا يا رسول الله، قال: فإنَّكم لا تضارُّون في رؤيته تلك الساعة، ثم يتوارَى، ثم يطلع، فيعرِّفهم نفسه، ثم يقول: أنا ربكم فاتَّبعوني فيقوم المسلمون، ويوضع الصراط، فيُمرُّ عليه مثل جياد الخيل والركاب وقولهم عليه: سَلّم سلم، ويبقى أهل النار، فيطرح منهم فيها فوج، فيقال: هل امتلأتِ؟ فتقول: هل من مزيد؟ [ثم يُطرح فيها فوج، فيقال: هل امتلأتِ؟ فتقول: هل من مزيد] ؟ حتى إذا أُوعِبُوا فيها وضع الرحمن قدمه فيها، وأزْويَ بعضُها إلى بعض، ثم قال: قط، قالت: قَطٍ قَطٍ، فإذا دخلَ أهلُ الجنةِ الجنة، وأهلُ النارِ النارَ: أُتي بالموتِ مُلَبَّباً، فيوقَف على السور الذي بين أهل الجنة وأهل النار، ثم يقال: يا أهل الجنة، فيطلعون خائفين، ثم يقال: يا أهل النار، فيطلعون مستبشرين، يرجون الشفاعة، ⦗٤٤٥⦘ فيقال لأهل الجنة و [أهل] النار: هل تعرفون هذا؟ فيقولون - هؤلاء وهؤلاء - قد عرفناه، هو الموت الذي وُكّلَ بنا، فيُضجَع، فيُضجَع، فيذبح ذبحاً على السور، ثم يقال لهم: يا أهل الجنة، خلودٌ لا موتَ، ويا أهل النار، خلودٌ لا موتَ» .

وأخرج النسائي منه طرفاً من وسطه، وهو قوله: «فتأتي الملائكةُ فتشفع ويشفع الرسل، وذكَرَ الصراط، فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم-: فأكون أول من يجيز، فإذا فرغ الله من القضاء بين خلقه، وأخرج من النار مَنْ يريد أن يخرج، أمرَ الله الملائكة والرسل أن تشفَعَ، فيشفعون بعلاماتهم، إنَّ النار تأكل كلَّ شيء من بني آدم إلا موضع السجود، فيصب عليهم ماءُ الحياة، فينبتون كما تنبت الحِبة في السيل» هذا القدر أخرج منه النسائي، ولقلة ما أخرج منه لم نُثبت له علامة، على أن رواية الترمذي أيضاً مباينة لرواية البخاري ومسلم، فإن فيها زيادة ليست فيها، ونقصاً هو فيها، ولو أُفرِدَتْ عنها لجاز (٤) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]

(السعدان) : نبت ذو شوك معقف من مراعي الإبل الجيدة.

(يوبق) أوبقتْه الذنوب، أي: أهلكته. ⦗٤٤٦⦘

(يخردل) المخردل: المرمي المصروع، وقيل: هو المقطّع، والمعنى أنه تقطعه كلاليب الصراط، حتى يقع في النار.

(امتحشوا) الامتحاش: الاحتراق، وقيل: هو أن تُذهِبَ النارُ الجلد، وتبدي العظم.

(الحِبَّة) بكسر الحاء: البزورات، وبفتحها: كالحنطة والشعير.

(حميل السيل) : الزبد وما يلقيه على شاطئه، وهو فَعيل بمعنى مفعول.

(قَشَبني ريحها) : آذاني، والقشب: السّم، والقشيب: المسموم، فكأنه قال: قد سَمَّني ريحها.

(ذكاها) ذكا النار: مفتوح الأول مقصوراً: اشتعالها ولهبها.

(الزهرة) : الحسن والنضارة والبهجة.

(انفهقت) أي: انفتحت واتسعت.

(الحبرة) : السرور والنعمة.

(زويت) الشيء إلى الشيء: ضممت بعضه إلى بعض، وجمعته إليه.

(قط قط) بمعنى حسبي وكفاني.

(ملبَّباً) كأنه أخذ بتلابيبه، وهو استعارة، والأخذ بالتلابيب: أن يجمع على الإنسان ثوبه، ويأخذ بمقدَّمه فيجرُّ به.


(١) في نسخ البخاري ومسلم المطبوعة: القضاء.
(٢) في نسخ البخاري المطبوعة: مقبلاً.
(٣) في الأصل: والميثاق.
(٤) رواه البخاري ١١ / ٣٨٧ - ٤٠٣ في الرقاق، باب الصراط جسر جهنم، وفي صفة الصلاة، باب فضل السجود، وفي التوحيد، باب قول الله تعالى: {وجوه يومئذ ناضرة. إلى ربها ناظرة} ، ومسلم رقم (١٨٢) في الإيمان، باب معرفة طريق الرؤية، والترمذي رقم (٢٥٦٠) في صفة الجنة، باب ما جاء في خلود أهل الجنة وأهل النار.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه الدارمي (٢٨٠٤) . والبخاري (١/٢٠٤) و (٨/١٤٦) . ومسلم (١/١١٤) قال: حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي.
كلاهما - عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي، ومحمد بن إسماعيل البخاري - عن أبي اليمان، الحكم بن نافع، قال: أخبرنا شعيب، عن الزهري، قال: أخبرني سعيد بن المسيب وعطاء بن يزيد الليثي، فذكراه.
(*) أخرجه أحمد (٢/٧٧٥ و ٥٣٣) قال: حدثنا عبد الرزاق. قال: حدثنا معمر. وفي (٢/٢٩٣) قال: حدثنا سليمان بن داود الهاشمي. قال: أخبرنا إبراهيم بن سعد. (ح) وأبو كامل. قال: حدثنا إبراهيم ابن سعد. والبخاري (٨/١٤٧) قال: حدثني محمود. قال: حدثنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر. وفي (٩/١٥٦) قال: حدثنا عبد العزيز بن عبد الله. قال: حدثنا إبراهيم بن سعد. ومسلم (١/١١٢) قال: حدثني زهير بن حرب. قال: حدثنا يعقوب بن إبراهيم. قال: حدثنا أبي. وابن ماجة (٤٣٢٦) قال: حدثنا محمد بن عبادة الواسطي. قال: حدثنا يعقوب بن محمد الزهري. قال: حدثنا إبراهيم بن سعد. والنسائي في الكبرى «تحفة الأشراف» (١٠/١٤٢١٣) عن عيسى بن حماد، عن ليث، عن إبراهيم ابن سعد. (ح) وعن محمد بن عبد الأعلى، عن محمد بن ثور، عن معمر.
كلاهما - معمر بن راشد، وإبراهيم بن سعد - عن ابن شهاب الزهري، عن عطاء بن يزيد الليثي، عن أبي هريرة، فذكره. ليس فيه «سعيد بن المسيب» .
(*) وأخرجه النسائي (٢/٢٢٩) . وفي الكبرى (٦٣٩) قال: أخبرنا محمد بن سليمان لوين بالمصيصة، عن حماد بن زيد، عن معمر، والنعمان بن راشد، عن الزهري، عن عطاء بن يزيد، قال: كنت جالسا إلى أبي هريرة وأبي سعيد، فحدث أحدهما حديث الشفاعة والآخر منصت ... فذكر الحديث مختصرا.
(*) وأخرجه النسائي في الكبرى «الورقة ١٠٢» قال: أخبرنا عمرو بن يزيد. قال: حدثنا سيف بن عبيد الله قال: وكان ثقة عن سلمة بن عيار، عن سعيد بن عبد العزيز، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، فذكره. ليس فيه «عطاء بن يزيد» وهو مختصر على بداية الحديث.
أما رواية الترمذي عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه فقد أخرجها أحمد (٢/٣٦٨) قال: حدثنا هيثم. قال: حدثنا حفص بن ميسرة. (ح) وحدثنا قتيبة. قال: حدثنا عبد العزيز. والترمذي (٢٥٥٧) قال: حدثنا قتيبة. قال: حدثنا عبد العزيز بن محمد. والنسائي في الكبرى «تحفة الأشراف» (١٠/١٤٠٥٥) عن قتيبة، عن عبد العزيز بن محمد.
كلاهما - حفص بن ميسرة، وعبد العزيز بن محمد - عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، فذكره.

<<  <  ج: ص:  >  >>